أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٤
وفي الآية دل ما قبلها عليها. انتهى الغرض من كلام أبي حيان، ولا يظهر عندي كل الظهور.
بل الأظهر عندي: هو ما قدمتها وهو قول ابن عطية، وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من أن الكافر والمفرط في عمل الخير إذا حضر أحدهما الموت طلبا الرجعة إلى الحياة، ليعملا العمل الصالح الذي يدخلهما الجنة، ويتداركا به ما سلف منهما من الكفر والتفريط وأنهما لا يجابان لذلك، كما دل عليه حرف الزجر والردع الذي هو كلا جاء موضحا في مواضع أخر كقوله تعالى: * (وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جآء أجلهآ) *. وقوله تعالى: * (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنآ أخرنآ إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال) * إلى غير ذلك من الآيات، وكما أنهم يطلبون الرجعة عند حضور الموت، ليصلحوا أعمالهم فإنهم يطلبون ذلك يوم القيامة ومعلوم أنهم لا يجابون إلى ذلك.
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: * (يوم يأتى تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جآءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعآء فيشفعوا لنآ أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل) * وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنآ أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون) * وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بأايات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) * وقوله تعالى: * (وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل) * وقوله تعالى: * (قالوا ربنآ أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) * وقوله تعالى: * (وهم يصطرخون فيها ربنآ أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجآءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) * وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب * وقالوا ءامنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل) *. وقد تضمنت هذه الآيات التي ذكرنا، وأمثالها في القرآن: أنهم يسألون الرجعة فلا
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»