أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٣
الكامل في جميع صفاته وأقواله وأفعاله وشرعه وقدره وتدبيره لخلقه سبحانه وتعالى علوا كبيرا.
ومما يوضح أن الحق لو اتبع الأهواء الفاسدة المختلفة لفسدة السماوات والأرض ومن فيهن قوله تعالى: * (لو كان فيهمآ آلهة إلا الله لفسدتا) * فسبحان الله رب العرش عما يصفون.
القول الثاني: أن المراد بالحق في الآية: الحق الذي هو ضد الباطل المذكور في قوله قبله: * (وأكثرهم للحق كارهون) * وهذا القول الأخير اختاره ابن عطية، وأنكر الأول.
وعلى هذا القول فالمعنى: أنه لو فرض كون الحق متبعا لأهوائهم، التي هي الشرك بالله، وادعاء الأولاد، والأنداد له ونحو ذلك: لفسد كل شيء لأن هذا الغرض يصير به الحق، هو أبطل الباطل، ولا يمكن أن يقوم نظام السماء والأرض على شيء، هو أبطل الباطل، لأن استقامة نظام هذا العالم لا تمكن إلا بقدرة وإرادة إله هو الحق منفرد بالتشريع، والأمر والنهي كما لا يخفى على عاقل والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: * (بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون) *. اختلف العلماء في الذكر في الآية فمنهم من قال: ذكرهم: فخرهم، وشرفهم، لأن نزول هذا الكتاب على رجل منهم فيه لهم أكبر الفخر والشرف، وعلى هذا، فالآية كقوله: * (وإنه لذكر لك ولقومك) * على تفسير الذكر بالفخر والشرف، وقال بعضهم: الذكر في الآية: الوعظ والتوصية، وعليه فالآية كقوله: * (ذالك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) * وقال بعضهم: الذكر هو ما كانوا يتمنونه في قوله: * (لو أن عندنا ذكرا من الا ولين * لكنا عباد الله المخلصين) * وعليه، فالآية كقوله تعالى: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جآءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الا مم) * وعلى هذا القول فقوله: * (جهد أيمانهم لئن جآءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الا مم فلما جآءهم نذير ما زادهم إلا نفورا) * كقوله هنا، فهم عن ذكرهم معرضون. وكقوله: * (أو تقولوا لو أنآ أنزل علينا الكتاب لكنآ أهدى منهم) * والآيات بمثل هذا على القول الأخير كثيرة والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: * (أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين) *.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»