أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٤
المراد بالخرج والخراج هنا: الأجر والجزاء.
والمعنى: أنك لا تسألهم على ما بلغتهم من الرسالة المتضمنة لخيري الدنيا والآخرة، أجرة ولا جعلا، وأصل الخرج والخراج: هو ما تخرجه إلى كل عامل في مقابلة أجرة، أو جعل. وهذه الآية الكريمة تتضمن أنه صلى الله عليه وسلم، لا يسألهم أجرا، في مقابلة تبليغ الرسالة.
وقد أوضحنا الآيات القرآنية الدالة على أن الرسل لا يأخذون الأجرة على التبليغ في سورة هود، في الكلام على قوله تعالى عن نوح: * (وياقوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله) *. وبينا وجه الجمع بين تلك الآيات، مع آية: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى) * وبينا هناك حكم أخذ الأجرة، على تعليم القرآن وغيره، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقرأ هذين الحرفين ابن عامر: خرجا فخرج ربك، بإسكان الراء فيهما معا، وحذف الألف فيهما، وقرأ حمزة والكسائي: خراجا فخراج ربك بفتح الراء بعدها ألف فيهما معا، وقرأ الباقون: خرجا فخراج ربك بإسكان الراء، وحذف الألف في الأول، وفتح الراء وإثبات الألف في الثاني، والتحقيق: أن معنى الخرج والخراج واحد، وأنهما لغتان فصيحتان وقراءتان سبعيتان، خلافا لمن زعم أن بين معناهما فرقا زاعما أن الخرج ما تبرعت به، والخراج: ما لزمك أداؤه.
ومعنى الآية: لا يساعد على هذا الفرق كما ترى، والعلم عند الله تعالى. وصيغة التفضيل في قوله: * (وهو خير الرازقين) * نظرا إلى أن بعض المخلوقين يرزق بعضهم كقوله تعالى: * (وارزقوهم فيها واكسوهم) * وقوله تعالى: * (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن) *. ولا شك أن فضل رزق الله خلقه، على رزق بعض خلقه بعضهم كفضل ذاته، وسائر صفاته على ذوات خلقه، وصفاتهم.
* (وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم * وإن الذين لا يؤمنون بالا خرة عن الصراط لناكبون * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا فى طغيانهم يعمهون * ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون * حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون * وهو الذى أنشأ لكم السمع والا بصار والا فئدة قليلا ما تشكرون * وهو الذى ذرأكم فى الا رض وإليه تحشرون * وهو الذى يحاى ويميت وله اختلاف اليل والنهار أفلا تعقلون * بل قالوا مثل ما قال الا ولون * قالوا أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون * لقد وعدنا نحن وءابآؤنا هاذا من قبل إن هاذآ إلا أساطير الا ولين * قل لمن الا رض ومن فيهآ إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شىء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون * بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون * ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إلاه بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون * قل رب إما ترينى ما يوعدون * رب فلا تجعلنى فى القوم الظالمين * وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون * ادفع بالتى هى أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون * وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون) * قوله تعالى: * (وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) *. قد قدمنا الآيات الموضحة، لمعنى هذه الآية في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: * (وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم) * فأغنى عن إعادته هنا.
قوله تعالى: * (وإن الذين لا يؤمنون بالا خرة عن الصراط لناكبون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين لا يؤمنون بالآخرة لإنكارهم البعث والجزاء، ناكبون عن الصراط، والمراد بالصراط، الذي هم ناكبون عنه: الصراط المستقيم
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»