أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٧
أي مجتمعين، وعلى هذا فاشتقاق الجمرة من التجمر بمعنى: التجمع لاجتماع الحجيج عندها يرمونها، وقيل: لأن الحصى يتجمع فيها، وقيل: اشتقاق الجمرة من أجمر إذا أسرع، لأن الناس يأتون مسرعين لرميها. وقيل: أصلها من جمرته إذا نحيته وأظهرها القول الأول والثاني، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثالث: في آخر وقت الرمي أيام التشريق.
قد علمت أن أول وقت رميها بعد الزوال، ولا خلاف بين العلماء، أن بقية اليوم وقت للرمي إلى الغروب.
واختلفوا فيما بعد الغروب، فمنهم من يقول: إن غربت الشمس، ولم يرم رمى بالليل، وبعضهم يقول: الليل قضاء، وبعضهم يقول: أداء، وقد قدمنا أقوالهم، وحججهم في الكلام على رمي جمرة العقبة، ومنهم من يقول: لا يرمي بالليل، بل يؤخر الرمي، حتى تزول الشمس من الغد كما قدمناه، مع إجماعهم على فوات وقت الرمي بغروب اليوم الثالث عشر من ذي الحجة الذي هو رابع يوم النحر.
واعلم أن هذا الحكم له حالتان:
الأولى: حكم الرمي في الليلة التي تلي اليوم الذي فاته الرمي فيه من أيام التشريق.
والثانية: الرمي في يوم آخر من أيام التشريق.
أما الليل فقد قدمنا أن الشافعية والمالكية والحنفية كلهم يقولون: يرمي ليلا، والمالكية بعضهم يقولون: الرمي ليلا قضاء، وهو المشهور عندهم، وبعضهم يتوقف في كونه قضاء أو أداء، كما قدمناه عن الباجي، والحنفية يقولون: إن الليلة التي بعد اليوم تبع له، فيجوز الرمي فيها تبعا لليوم، والشافعية لهم وجهان مشهوران في الرمي في الليلة التي بعد اليوم، هل هو أداء، أو قضاء؟ كما قدمناه مستوفى، والحنابلة قدمنا أنهم يقولون: لا يرمي ليلا، بل يرمي من الغد بعد زوال الشمس، كما ذكرنا فيه كلام صاحب المغني وأما رمي يوم من أيام التشريق في يوم آخر منها، فلا خلاف فيه بين من يعتد به من أهل العلم، إلا أنهم اختلفوا في أيام التشريق الثلاثة هل هي كيوم واحد؟ فالرمي في جميعها أداء، لأنها وقت للرمي كيوم واحد، أو كل يوم منها مستقل، فإن فات هو وليلته التي بعده فات وقت رميه، فيكون قضاء في اليوم الذي بعده، فعلى القول الأول لو رمى عن اليوم الأول في الثاني أو عن الثاني في الثالث، أو عن الأول والثاني في الثالث، فلا شيء
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»