أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٢
ابن حجر في تهذيب التهذيب في الحسن العرني المذكور، قال أحمد: لم يسمع من ابن عباس شيئا، وقال أبو حاتم: لم يدركه ا ه. والعرني بضم العين، وفتح الراء ثم نون: نسبة إلى عرينة بطن من بجيلة.
ومن أدلتهم على ذلك: ما رواه أبو داود في سننه من طريق الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا رمى أحدكم جمرة العقبة، فقد حل له كل شيء إلا النساء) ا ه.
ومعلوم أن هذا الحديث ضعيف من وجهين:
أحدهما: هو ما قدمنا من تضعيف الحجاج بن أرطاة.
والثاني: أن الحجاج المذكور لم يسمع من الزهري. وقد قال أبو داود في سننه بعد أن ساق هذا الحديث: هذا حديث ضعيف: الحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه، وقال النووي في شرح المهذب في هذا الحديث: أما حديث عائشة رضي الله عنها فرواه أبو داود بإسناد ضعيف جدا من رواية الحجاج بن أرطاة وقال: هو حديث ضعيف ا ه.
هذا هو حاصل حجة من قال: إنه يحل له بعد رمي جمرة العقبة كل شيء إلا النساء، وأما ما ذكرنا عن الشافعي: من أنه يحل له كل شيء إلا النساء باثنين من ثلاثة: هي الرمي، والحلق، والطواف، وتحل النساء بالثالث منها، بناء على أن الحلق نسك، وعلى أنه ليس بنسك، يحل له كل شيء إلا النساء بواحد من اثنين، هما: الرمي، والطواف وتحل له النساء بالثاني منهما لم نعلم له نصا يدل عليه، هكذا والظاهر أنه رأى هذه الأشياء لها مدخل في التحلل، وقد دل النص الصحيح على حصول التحلل الأول بعد الرمي والحلق، فجعل هو الطواف كواحد منهما. والله تعالى أعلم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق أن الطيب يحل له بالتحلل الأول، لحديث عائشة المتفق عليه الذي هو صريح في ذلك. وكذلك لبس الثياب، وقضاء التفث، وأن الجماع لا يحل إلا بالتحلل الأخير، وأما حيلة الصيد بالتحلل الأول فهي محل نظر، لأن الأحاديث التي فيها التصريح، بأنه يحل له كل شيء إلا النساء، قد علمت ما فيها من الكلام، وحديث عائشة المتفق عليه، لم يتعرض لحل الصيد.
وظاهر قوله: * (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) * يمكن أن يتناول ما بعد التحلل الأول، لأن حرمة الجماع تدل على أنه متلبس بالإحرام في الجملة، وإن كان قد حل له بعض
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»