أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٥
مالك والشافعي وأحمد وجمهور أهل العلم، وقال أبو حنيفة: الترتيب المذكور سنة، فإن نكس الرمي أعاده وإن لم يعد أجزأه، وهو قول الحسن وعطاء، واحتجوا بأدلة لا تنهض. وعلى الصحيح الذي هو قول الجمهور: إن الترتيب شرط لو بدأ بجمرة العقبة، ثم الوسطى، ثم الأولى أو بدأ بالوسطى، ورمى الثلاث لم يجزه إلا الأولى ، لعدم الترتيب في الوسطى والأخيرة، فعليه أن يرمي الوسطى، ثم الأخيرة، ولو رمى جمرة العقبة. ثم الأولى، ثم الوسطى أعاد جمرة العقبة وحدها هذا هو الظاهر.
واعلم أن العلماء اختلفوا في مسائل كثيرة من مسائل الرمي، ليس فيها نص، وسنذكر هنا بعض ذلك مما يظهر لنا أنه أقرب للصواب، مع الاختصار، لعدم النصوص في ذلك.
فمن ذلك: أن الأقرب فيما يظهر لنا أنه لا بد من رمي الحصاة بقوة، فلا يكفي طرحها، ولا وضعها باليد في المرمى، لأن ذلك ليس برمي في العرف، خلافا لمن قال: إنه رمي، وأنه لا بد من وقوع الحصاة في نفس المرمى، وهو الجمرة التي يحيط بها البناء واستقرارها فيه خلافا لمن قال: إنها إن وقعت في المرمى ثم تدحرجت حتى خرجت منه: أنه يجزئه، وأنها لو ضربت شيئا دون المرمى، ثم طارت، وسقطت في المرمى: أن ذلك يجزئه، بخلاف ما لو جاءت في محمل، أو في ثوب رجل، فتحرك المحمل أو الرجل فسقطت في المرمى، فإنها لا تجزىء، وكذلك لو جاءت دون المرمى، فأطارت حصاة أخرى، فجاءت هذه الحصاة الأخرى في المرمى، فإنها لا تجزئه. لأن الحصاة التي رماها لم تسقط في المرمى، وإنما وقعت فيه الحصاة التي أطارتها، وأنها إن أخطأت المرمى، ولكن سقطت قريبا منه، أن ذلك لا يجزئه، خلافا لمن قال: يجزئه، وأنه لا ينبغي أن يرمي إلا بالحجارة، فلا ينبغي الرمي بالمدر، والطين، والمغرة، والنورة، والزرنيخ، والملح، والكحل، وقبضة التراب، والأحجار النفسية: كالياقوت، والزبرجد، والزمرد، ونحو ذلك، خلافا لمن أجاز الرمي بذلك.
ولا يجوز الرمي بالخشب، والعنبر، واللؤلؤ، والجواهر، والذهب، والفضة، والأقرب أيضا أن الحصاة إن وقعت فيه شقوق البناء المنتصب في وسط الجمرة، وسكنت فيها أنها لا تجزىء، لأنها وقعت في هواء المرمى، لا في نفس المرمى خلافا لمن قال: إنها تجزئه، والأقرب: أنه لا يلزم غسل الحصى لعدم الدليل على ذلك، وأنه لو رمى بحصاة نجسة أجزأه ذلك لصدق اسم الرمي عليه، وعدم نص على اشتراط طهارة
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»