أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٣
ما كان حراما عليه، والله تعالى أعلم.
المسألة العاشرة في أحكام الرمي اعلم أن قدمنا في الكلام على الإفاضة من مزدلفة إلى منى، بعض أحكام رمي جمرة العقبة، فبينا كلام العلماء في حكمه، وفي أول وقته وآخره، وذكرنا بعض الأحكام المتعلقة برميها قريبا، والآن سنذكر إنشاء الله المهم من أحكام الرمي.
اعلم أن الرمي في أيام التشريق واجب، يجبر بدم عند جماهير العلماء على اختلاف بينهم في تعدد الدماء فيه، وعدم تعددها، ولا خلاف بينهم في أنه ليس بركن لأن الحج يتم قبله، ويتحلل صاحبه التحلل الأصغر والأكبر، فيحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام، فحجه تام إجماعا قبل رمي أيام التشريق، ولكن رميها واجب يجبر بدم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى فيها، وقال (لتأخذوا عني مناسككم).
فروع تتعلق بهذه المسألة الفرع الأول: اعلم أن التحقيق أنه لا يجوز الرمي في أيام التشريق، إلا بعد الزوال، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ففي صحيح مسلم من حديث جابر قال: (رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس) هذا لفظ مسلم عنه في صحيحه، وحديث جابر هذا الذي رواه مسلم في صحيحه موصولا باللفظ الذي ذكرنا، رواه البخاري تعليقا مجزوما به بلفظ: وقال جابر (رمى النبي صلى الله عليه وسلم، يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال) ثم ساق البخاري رحمه الله بسنده عن ابن عمر قال: كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا.
وقال ابن حجر في فتح الباري في قول ابن عمر: كنا نتحين. الحديث، فأعلمه بما كانوا يفعلونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو دليل على أن الحافظ ابن حجر يرى قول ابن عمر: كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا له حكم الرفع، وحديث جابر الصحيح المذكور قبله صريح في الرفع، وروى الإمام أحمد، وأبو داود، عن عائشة رضي الله عنها قالت (أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس) الحديث، وفي إسناده محمد بن إسحاق، صاحب المغازي، وهو مدلس، وقد قال ابن إسحاق المذكور في الإسناد المذكور، عن
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»