يفعل كذلك، حتى يتمم سبعا.
وأصح أقوال أهل العلم فيما يظهر لنا والله أعلم: أنه لا بد من أن يكون خارجا جميع بدنه، حال طوفه عن شاذروان الكعبة، لأنه منها، وكذلك لا بد أن يكون خارجا جميع بدنه حال طوافه عن جدار الحجر، لأن أصله من البيت، ولكن لم تبنه قريش على قواعد إبراهيم، ولأجل ذلك لم يشرع استلام الركنين الشاميين، لأن أصلهما من وسط البيت، لأن قريشا لم تبن ما كان عن شمالهما من البيت، وهو الحجر الذي عليه الجدار وأصله من البيت كما بينا، ومما يدل على ذلك ما رواه الشيخان في صحيحيهما، عن عائشة رضي الله عنها. قال البخاري في صحيحه: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: (ألم تري قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم؟ فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: لولا حدثان قومك بالكفر، لفعلت) قال عبد الله رضي الله عنه: لئن كانت عائشة رضي الله عنها سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم. وفي رواية عنها في صحيح البخاري قالت: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر، أمن البيت هو؟ قال: نعم، قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: ألم ترى قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض) ا ه. والمراد بالجدر بفتح الجيم، وسكون الدال المهملة هنا: الحجر. وفي رواية عنها رضي الله عنها في صحيح البخاري أيضا قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (لولا حداثة قومك بالكفر، لنقضت البيت، ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام، فإن قريشا استقصرت بناءه، وجعلت له خلفا) قال أبو معاوية: حدثنا هشام خلفا يعني: بابا. وفي رواية عنها فيه أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين، بابا شرقيا، وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم) فذلك الذي حمل ابن الزبير رضي الله عنهما على هدمه قال يزيد: وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه، وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم حجارة كأسنمة الإبل قال جرير: فقلت له أين