رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا، ومشى أربعا) وفي لفظ في صحيح مسلم أيضا عن نافع: أن ابن عمر رمل من الحجر إلى الحجر، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله. وفي لفظ عند مسلم أيضا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود، حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف، وفيه عن جابر أيضا بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر.
والجواب عن هذا الذي ذكرنا من اختلاف الروايات: أن حديث ابن عباس الذي فيه أنهم مشوا ما بين الركنين كان في عمرة القضاء في ذي القعدة عام سبع، وما في الروايات الأخرى من الرمل في كل شوط من الحجر إلى الحجر في حجة الوداع، كما أجاب بهذا غير واحد.
وقال النووي في شرح مسلم: إن رمله صلى الله عليه وسلم في كل الشوط من الحجر إلى الحجر في حجة الوداع، ناسخ للمشي بين الركنين الثابت في حديث ابن عباس لأنه متأخر عنه، والمتأخر ينسخ المتقدم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لا يتعين النسخ الذي ذكره النووي، لما تقرر في الأصول عن جماعة من العلماء، أن الأفعال لا تعارض بينها، فلا يلزم نسخ الآخر منها للأول، بناء على أن الفعل لا عموم له، فلا يقع في الخارج إلا شخصيا لا كليا، حتى ينافي فعلا آخر، فجائز أن يقع الفعل واجبا في وقت، وفي وقت آخر بخلافه. قال ابن الحاجب في مختصره الأصولي: مسألة الفعلان لا يتعارضان كصوم وأكل، لجواز تحريم الأكل في وقت، وإباحته في آخر. الخ، ومحل عدم تعارض الفعلين المذكور ما لم يقترن بالفعلين، قول يدل على ثبوت الحكم، وإلا كان آخر الفعلين ناسخا للأول عند قوم، وعند آخرين لا يكون ناسخا، كما لو لم يقترن بهما قول، وعن مالك والشافعي يصار إلى الترجيح بين الفعلين، إن اقترن بهما القول وإن لم يترجح أحدهما، فالتخيير بينهما مثال الفعلين اللذين لم يقترن بهما قول يدل على ثبوت الحكم مشيه صلى الله عليه وسلم بين الركنين اليمانيين ورمله في غير ذلك من الأشواط الثلاثة الأول في عمرة القضاء، مع رمله في الجميع في حجة الوداع، ومثال الفعلين اللذين اقترن بهما قول يدل على ثبوت الحكم صلاته صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على صفات متعددة، مختلفة كما أوضحناه في سورة النساء، مع أن تلك الأفعال المختلفة اقترنت بقول يدل على ثبوت الحكم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي) فالجاري على الأصول حسبما ذكرنا عن جماعة منهم: ابن