أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٦
فإن قيل: قوله في (طه): * (يخيل إليه من سحرهم) *، وقوله في (الأعراف): * (سحروا أعين الناس) * الدالان على أن سحر سحرة فرعون خيال لا حقيقة له، يعارضهما قوله في (الأعراف): * (وجآءو بسحر عظيم) * لأن وصف سحرهم بالعظم يدل على أنه غير خيال. فالذي يظهر في الجواب والله أعلم أنهم أخذوا كثيرا من الحبال والعصي، وخيلوا بسحرهم لأعين الناس أن الحبال والعصي تسعى وهي كثيرة. فظن الناظرون أن الأرض ملئت حيات تسعى، لكثرة ما ألقوا من الحبال والعصي فخافوا من كثرتها، وبتخييل سعي ذلك العدد الكثير وصف سحرهم بالعظم. وهذا ظاهر لا إشكال فيه. وقد قال غير واحد: إنهم جعلوا الزئبق على الحبال والعصي، فلما أصابها حر الشمس تحرك الزئبق فحرك الحبال والعصي، فخيل للناظرين أنها تسعى. وعن ابن عباس: أنهم كانوا اثنين وسبعين ساحرا، مع كل ساحر منهم حبال وعصي. وقيل: كانوا أربعمائة. وقيل كانوا اثني عشر ألفا. وقيل أربعة عشر ألفا. وقال ابن المنكدر: كانوا ثمانين ألفا. وقيل: كانوا مجمعين على رئيس يقال له شمعون. وقيل: كان اسمه يوحنا معه اثني عشر نقيبا، مع كل نقيب عشرون عريفا، مع كل عريف ألف ساحر. وقيل: كانوا ثلاثمائة ألف ساحر من الفيوم، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد وثلاثمائة ألف ساحر من الفيوم، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد وثلاثمائة ألف ساحر من الريف فصاروا تسعمائة ألف، وكان رئيسهم أعمى ا ه. وهذه الأقوال من الإسرائيليات، ونحن نتجنبها دائما، ونقلل من ذكرها، وربما ذكرنا قليلا منها منبهين عليه. قوله تعالى: * (وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر) *. قرأ هذا الحرف نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وقنبل عن ابن كثير، وهشام عن ابن عامر، وشعبة عن عاصم بتاء مفتوحة مخففة بعدها لام مفتوحة ثم قاف مفتوحة مشددة بعدها فاء ساكنة، وهو مضارع تلقف وأصله تتلقف بتاءين فحذفت إحداهما تخفيفا، كما أشار له في الخلاصة بقوله: وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر) *. قرأ هذا الحرف نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وقنبل عن ابن كثير، وهشام عن ابن عامر، وشعبة عن عاصم بتاء مفتوحة مخففة بعدها لام مفتوحة ثم قاف مفتوحة مشددة بعدها فاء ساكنة، وهو مضارع تلقف وأصله تتلقف بتاءين فحذفت إحداهما تخفيفا، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
* وما بتاءين ابتدى قد يقتصر * فيه على تاكتبن العبر * والمضارع مجزوم، لأنه جزاء الطلب في قوله * (وألق) * وجمهور علماء العربية على أن الجزم في نحو ذلك بشرط مقدر دلت عليه صيغة الطلب، وتقديره هنا: إن تلق ما في يمينك تلقف ما صنعوا. وقرأه البزي عن ابن كثير كالقراءة التي ذكرنا، إلا أنه يشدد
(٣٦)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»