الموعد في الآية مصدر وعليه ف * (لا نخلفه) * راجع للمصدر، و * (مكانا) * منصوب بفعل دل عليه الموعد. أي عدنا مكانا سوى. ونصب المكان بأنه مفعول المصدر الذي هو * (موعدا) * أو أحد مفعولي * (أجعل) * غير صواب فيما يظهر لي والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (مكانا سوى) * قرأه ابن عامر وعاصم وحمزة (سوى) بضم السين والباقون بكسرها. ومعنى القراءتين واحد كما تقدم. قوله تعالى: * (فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى) *. قوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (فتولى فرعون) * قال بعض العلماء: معناه فتولى فرعون، انصرف مدبرا من ذلك المقام ليهيىء ما يحتاج إليه مما تواعد عليه هو وموسى. ويدل لهذا الوجه قوله تعالى في سورة (النازعات) في القصة بعينها * (ثم أدبر يسعى فحشر فنادى) * وقوله * (فحشر) * أي جمع السحرة.
وقال بعض العلماء: معنى قوله * (فتولى فرعون) * أي أعرض عن الحق الذي جاء به موسى. ومن معنى هذا الوجه قوله تعالى: * (إنا قد أوحى إلينآ أن العذاب على من كذب وتولى) *.
وقوله تعالى: * (فجمع كيده) * الظاهر أن المراد ب * (كيده) * ما جمعه من السحر ليغلب به موسى في زعمه. وعليه فالمراد بقوله * (فجمع كيده) * هو جمعه للسحرة من أطراف مملكته، ويدل على هذا أمران: أحدهما تسمية السحر في القرآن كيدا. كقوله * (إنما صنعوا كيد ساحر) *، وقوله تعالى عن السحرة: * (فأجمعوا كيدكم) * وكيدهم سحرهم. الثاني أن الذي جمعه فرعون هو السحرة كما دلت عليه آيات من كتاب الله. كقوله تعالى في (الأعراف): * (وأرسل فى المدآئن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم) *. وقوله * (حاشرين) * أي جامعين يجمعون السحرة من أطراف مملكته، وقوله في (الشعراء): * (وابعث فى المدآئن حاشرين) * * (يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم) *، وقوله في (يونس): * (وقال فرعون ائتونى بكل ساحر عليم) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ثم أتى) * أي جاء فرعون بسحرته للميعاد ليغلب نبي الله موسى بسحره في زعمه.