بعض أهل العلم من أن معنى خلقهم من تراب أن النطفة إذا وقعت في الرحم انطلق الملك الموكل بالرحم فأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق الله النسمة من النطفة والتراب معا فهو خلاف التحقيق. لأن القرآن يدل على أن مرحلة النطفة بعد مرحلة التراب بمهلة. فهي غير مقارنة لها بدليل الترتيب بينهما ب (ثم) في قوله تعالى: * (ياأيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة) *، وقوله تعالى: * (هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة) *، وقوله تعالى: * (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين) *، وقوله تعالى: * (ذالك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذى أحسن كل شىء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من مآء مهين) * وكذلك ما يزعمه بعض المفسرين من أن معنى خلقهم من تراب أن المراد أنهم خلقوا من الأغذية التي تتولد من الأرض فهو ظاهر السقوط كما ترى.
وأما المسألة الثانية فقد ذكرها تعالى أيضا في غير هذا الموضع. وذلك في قوله تعالى: * (ألم نجعل الا رض كفاتا أحيآء وأمواتا) * فقوله * (وجعلنا) * أي موضعهم الذي يكفتون فيه أي يضمون فيه: أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها. وهو معنى قوله * (وفيها نعيدكم) *.
وأما المسألة الثالثة وهي إخراجهم من الأرض أحياء يوم القيامة فقد جاءت موضحة في آيات كثيرة. كقوله: * (ويحى الا رض بعد موتها وكذلك تخرجون) * أي من قبوركم أحياء بعد الموت، وقوله تعالى: * (وأحيينا به بلدة ميتا كذالك الخروج) * أي من القبور بالبعث يوم القيامة، وقوله تعالى: * (ثم إذا دعاكم دعوة من الا رض إذآ أنتم تخرجون) *، وقوله تعالى: * (حتى إذآ أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به المآء فأخرجنا به من كل الثمرات كذالك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) *، وقوله تعالى: * (يوم يخرجون من الا جداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون) *، وقوله تعالى: * (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا.
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (منها خلقناكم) *، كقوله تعالى: * (قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) *. والتارة في قوله * (تارة أخرى) * بمعنى