أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٨
القلب والصرف عن الشيء. ومنه قيل لقرى قوم لوط * (والمؤتفكات) *. لأن الله أفكها أي قلبها. كما قال تعالى: * (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا) *. ومنه قوله تعالى: * (يؤفك عنه من أفك) * أي يصرف عنه من صرف، وقوله: * (قالوا أجئتنا لتأفكنا عن ءالهتنا) * أي لتصرفنا عن عبادتها، وقول عمرو بن أذينة: قالوا أجئتنا لتأفكنا عن ءالهتنا) * أي لتصرفنا عن عبادتها، وقول عمرو بن أذينة:
* إن تك عن أحسن المروءة مأ * فوكا ففي آخرين قد أفكوا * وأكثر استعمال هذه المادة في الكذب. لأنه صرف وقلب للأمر عن حقيقته بالكذب والافتراء. كما قال تعالى: * (ويل لكل أفاك أثيم) *، وقال تعالى: * (وذلك إفكهم وما كانوا يفترون) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (إنما صنعوا كيد ساحر) * (ما) موصولة وهي اسم (إن)، و (كيد) خبرها، والعائد إلى الموصول محذوف. على حد قوله في الخلاصة: إنما صنعوا كيد ساحر) * (ما) موصولة وهي اسم (إن)، و (كيد) خبرها، والعائد إلى الموصول محذوف. على حد قوله في الخلاصة:
*......
* والحذف عندهم كثير منجلي * * في عائد متصل إن انتصب * بفعل أو وصف كمن نرجو يهب * والتقدير: إن الذي صنعوه كيد ساحر. وأما على قراءة من قرأ * (كيد ساحر) * بالنصب ف (ما) كافة و (كيد) مفعول (صنعوا) وليست سبعية، وعلى قراءة حمزة والكسائي (كيد سحر) بكسر السين وسكون الحاء، فالظاهر أن الإضافة بيانية. لأن الكيد المضاف إلى السحر هو المراد بالسحر. وقد بسطنا الكلام في نحو ذلك في غير هذا الموضع. والكيد: هو المكر. قوله تعالى: * (ولا يفلح الساحر حيث أتى) *. وقد قدمنا في سورة (بني إسرائيل) أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم. لأنه ينحل عند بعض أهل العلم عن مصدر وزمان، وعند بعضهم عن مصدر وزمان ونسبة. فالمصدر كامن في مفهومه إجماعا، وهذا المصدر الكاهن في مفهوم الفعل في حكم النكرة فيرجع ذلك إلى النكرة في سياق النفي وهي صيغة عموم عند الجمهور. فظهر أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم، وكذلك الفعل في سياق الشرط. لأن النكرة في سياق الشرط أيضا صيغة عموم. وأكثر أهل العلم على ما ذكرنا من أن الفعل في سياق النفي أو الشرط من صيغ العموم، خلافا لبعضهم فيما إذا لم يؤكد الفعل المذكور بمصدر. فإن أكد به فهو
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»