أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٦
الزاد والراحلة، ولا يقدر على المسير، وآخر يقدر أن يمشي على رجليه ولا صفة في هذا أبين مما قال الله تعالى * (من استطاع إليه سبيلا) * وزاد في كتاب محمد: ورب صغير أجلد من كبير، ونقل في المقدمات كلام مالك ثم قال بعده: فمن قدر على الوصول إلى مكة، إما راجلا بغير كبير مشقة، أو راكبا بشراء أو كراء. فقد وجب عليه الحج، ونقله في التوضيح. انتهى من الحطاب.
واعلم: أن بعض المالكية يشترطون في الصنعة المذكورة، ألا تكون مرزية به.
واعلم أن المالكية: اختلفوا في الفقير الذي عادته سؤال الناس في بلده، وعادة الناس إعطاؤه، وذلك السؤال هو الذي منه عيشته إذا علم أنه إن خرج حاجا، وسأل أعطاه الناس ما يعيش به، كما كانوا يعطونه في بلده، هل سؤاله الناس وإعطاؤهم إياه يكون بسببه مستطيعا لقدرته على الزاد بذلك، فيجب عليه الحج بذلك، أو لا يجب عليه بذلك؟
فذهب بعضهم: إلى أن ذلك لا يجب عليه به الحج، ولا يعد استطاعة، وبهذا القول جزم خليل بن إسحاق رحمه الله في مختصره الذي قال في ترجمته مبينا لما به الفتوى، وذلك في قوله: فيما لا تحصل به الاستطاعة لا بدين أو عطية أو سؤال مطلقا.
ومعنى كلامه: أن من لم يمكنه الوصول إلى مكة، إلا بتحمل دين في ذلك، أو قبول عطية ممن أعطاه مالا أو سؤال الناس مطلقا، أنه لا يعد بذلك مستطيعا، ولا يجب عليه الحج، وقوله: أو سؤال مطلقا يعني بالإطلاق، سواء كان السؤال عادته في بلده أو لا وسواء كانت عادة الناس إعطاءه أو لا، أما إذا كانت عادة الناس عدم إعطائه، فالحج حرام عليه، لأنه إلقاء باليد إلى التهلكة، سواء كان السؤال عادته في بلده أو لا، وأما إن كانت عادة الناس إعطاءه، ولم يكن السؤال عادته في بلده، فلا خلاف في أنه لا يعد مستطيعا ولا يجب عليه الحج، وأما إن كانت عادته السؤال في بلده، ومنه عيشته، وعادة الناس إعطاؤه، فهو محل الخلاف، وقد ذكرنا آنفا قول خليل في مختصره: أنه لا يجب عليه الحج، ولا يعد مستطيعا بسؤال الناس، وذلك في قوله: أو بسؤال مطلقا، وقال الشيخ المواق في شرحه لقول خليل: وسؤال مطلقا، وقال خليل في منسكه: وظاهر المذهب أنه لا يجب على من عادته السؤال، إذا كانت العادة إعطاءه، ويكره له المسير، فإن لم تكن عادته السؤال، أو لم تكن العادة إعطاءه سقط الحج بالاتفاق، وقال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل: أو سؤال مطلقا ما نصه: وأما الصورة الرابعة: وهي، ما إذا كانت عادته في بلده السؤال، ومنه عيشه والعادة إعطاؤه، فقال المصنف في توضيحه ومنسكه: إن
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»