تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا) * فصرح بأنهم فقراء وأثنى عليهم بالتعفف وعدم السؤال.
ووجه إشارة الآية، إلى شدة فقرهم، هو ما فسرها به بعض أهل العلم، من أن معنى قوله * (تعرفهم بسيماهم) * أي بظهور آثار الفقر والحاجة عليهم.
وقال ابن جرير في تفسيره، بعد أن ذكر القول: بأن المراد بسيماهم: علامة فقرهم من ظهور آثار الجوع، والفاقة عليهم، والقول الآخر: أن المراد بسيماهم: علامتهم التي هي: التخشع، والتواضع ما نصه:
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عز وجل أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يعرفهم بعلاماتهم، وآثار الحاجة فيهم. انتهى محل الغرض منه.
وقال صاحب الدر المنثور في التفسير بالمأثور: وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الربيع * (تعرفهم بسيماهم) * يقول: تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة. وأخرج بن جرير، عن ابن زيد * (تعرفهم بسيماهم) * قال: رثاثة ثيابهم. انتهى. ومثل هذا كثير في كلام المفسرين.
فالآية الكريمة: تدل بمنطوقها على الثناء على الفقير الصابر المتعفف عن مسألة الناس، وتدل بمفهومها على ذم سؤال الناس، والأحاديث الواردة في ذم السؤال مطلقا كثيرة جدا. وبذلك كله: تعلم أن سؤال الناس ليس استطاعة على ركن من أركان الإسلام، وأن قول بعض المالكية: إنه لا يعد استطاعة هو الصواب. وهو قول جمهور أهل العلم. وممن ذهب إليه: الشافعي، وأحمد، وأبو حنيفة، ونقله ابن المنذر عن الحسن البصري، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق. وبه قال بعض أصحاب مالك. قال البغوي: وهو قول العلماء ا ه.
قاله النووي. والاستطاعة عند أبي حنيفة. الزاد، والراحلة. فلو كان يقدر على المشي، وعادته سؤال الناس، لم يجب عليه الحج عنده كما قدمناه قريبا.
والاستطاعة في مذهب الشافعي: الزاد والراحلة، بشرط أن يجدهما بثمن المثل، فإن لم يجدهما إلا بأكثر من المثل سقط عنه وجوب الحج. ويشترط عند الشافعية أيضا: وجود الماء في أماكن النزول، وهذا شرط لا ينبغي أن يختلف فيه، لأنه إن لم يجد الماء