أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٥
ابن عباس، وسكت ولم يبين هل الموقوف أصح أو المرفوع؟ وقال النووي في شرح المهذب في هذا الحديث:
رواه البيهقي في الباب الأول من كتاب الحج بإسناد جيد؟ ورواه أيضا موقوفا، ولا يقدح ذلك فيه. ورواية المرفوع قوية، ولا يضر تفرد محمد بن المنهال بها، فإنه ثقة مقبول ضابط. روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما ا ه.
وقد علمت من كلام ابن حجر: أن ابن المنهال تابعه على رفع الحديث المذكور الحارث بن سريج فقد زال التفرد. والظاهر: أن الحارث المذكور هو ابن سريج النقال، ولا يحتج به لضعفه. وبما ذكرنا تعلم أن الحديث المذكور لا يقل عن درجة الاحتجاج، ووجه الدلالة منه، على أن الحرية شرط في وجوب الحج أنه لو حج وهو مملوك ثم أعتق بعد ذلك لزمته حجة الإسلام، فلو كان واجبا عليه في حال كونه مملوكا أجزأه حجة عن حجة الإسلام كما هو ظاهر، والعلم عند الله تعالى.
وقال أبو عيسى الترمذي رحمه الله ما نصه: وقد أجمع أهل العلم: أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك، فعليه الحج، إذا أدرك لا تجزىء عنه تلك الحجة عن حجة الإسلام، وكذلك المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلا، ولا يجزئ عنه ما حج في حال رقه، وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
وأما الاستطاعة: فقد نص تعالى على اشتراطها في قوله: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * ومعنى الاستطاعة في اللغة العربية معروف، وتفسير الاستطاعة في الآية اختلف فيه العلماء.
فالاستطاعة في مشهور مذهب مالك الذي به الفتوى: هي إمكان الوصول، بلا مشقة عظيمة زائدة على مشقة السفر العادية، مع الأمن على النفس، والمال. ولا يشترط عندهم الزاد والراحلة، بل يجب الحج عندهم على القادر على المشي، إن كانت له صنعة يحصل منها قوته في الطريق: كالجمال، والخراز، والنجار، ومن أشبههم.
قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل في مختصره: ووجب باستطاعة بإمكان الوصول، بلا مشقة عظمت، وأمن على نفس، ومال ما نصه: وقال مالك في كتاب محمد، وفي سماع أشهب لما سئل عن قوله تعالى * (من استطاع إليه سبيلا) * أذلك الزاد، والراحلة؟ قال: لا والله، ما ذلك إلا طاقة الناس، الرجل يجد
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»