والدليل على أنه إحدى الدعائم الخمس التي بني عليها الإسلام: حديث ابن عمر المتفق عليه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إلاه إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان) هذا لفظ البخاري.
وقد وردت في فضل الحج والترغيب فيه أحاديث كثيرة: فمن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال (إيمان بالله ورسوله قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور) متفق عليه. وعنه رضي الله عنه أيضا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) متفق عليه أيضا: وعنه أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه أيضا، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: (لكن أفضل من الجهاد: حج مبرور) رواه البخاري: وعنها أيضا رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء) أخرجه مسلم بهذا اللفظ. والأحاديث في الباب كثيرة. وفضل الحج وكونه من الدعائم الخمس معروف.
واعلم: أن وجوب الحج المذكور تشترط له شروط: وهي: العقل، والبلوغ، والإسلام، والحرية، والاستطاعة. ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم، أما العقل فكونه شرطا في وجوب كل تكليف واضح، لأن غير العاقل لا يصح تكليفه بحال. وأما اشتراط البلوغ فواضح، لأن الصبي مرفوع عنه القلم، حتى يحتلم، فالبلوغ والعقل كلاهما: شرط وجوب وأما الإسلام: فالظاهر أنه على القول، بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، فهو شرط صحة لا شرط وجوب، وعلى أنهم غير مخاطبين بها، فهو شرط وجوب، والأصح خطاب الكفار بفروع الشريعة كما أوضحنا أدلته في غير هذا الموضع، فيكون الإسلام شرط صحة في حقهم، ومعلوم أنه على أنه شرط وجوب، فهو شرط صحة أيضا، لأن بعض شروط الوجوب، يكون شرطا في الصحة أيضا: كالوقت للصلاة. فإنه شرط لوجوبها وصحتها أيضا، وقد يكون شرط الوجوب ليس شرطا في الصحة كالبلوغ، والحرية، فإن الصبي لا يجب عليه الحج، مع أنه يصح منه لو فعله، وكذلك العبد إلا أنه لا يجزئ عن