أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٠
ذلك في (ص) إلى الشيطان. ويمكن أن يكون سلطه الله على جسده وماله وأهله. ابتلاء ليظهر صبره الجميل، وتكون له العافية الحميدة في الدنيا والآخرة، ويرجع له كل ما أصيب فيه، والعلم عند الله تعالى وهذا لا ينافي أن الشيطان لا سلطان له على مثل أيوب، لأن التسليط على الأهل والمال والجسد من جنس الأسباب التي تنشأ عنها الأعراض البشرية كالمرض، وذلك يقع للأنبياء، فإنهم يصيبهم المرض، وموت الأهل، وهلاك المال لأسباب متنوعة. ولا مانع من أن يكون جملة تلك الأسباب تسليط الشيطان على ذلك للابتلاء وقد أوضحنا جواز وقوع الأمراض والتأثيرات البشرية على الأنبياء في سورة (طه) وقول الله لنبيه أيوب في سورة (ص): * (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) *، قال المفسرون فيه: إنه حلف في مرضه ليضربن زوجه مائة سوط، فأمره الله أن يأخذ ضغثا فيضربها به ليخرج من يمينه، والضغث: الحزمة الصغيرة من حشيش أو ريحان أو نحو ذلك. والمعنى: أنه يأخذ حزمة فيها مائة عود فيضربها بها ضربة واحدة، فيخرج بذلك من يمينه. وقد قدمنا في سورة (الكهف) الاستدلال بآية * (ولا تحنث) * على أن الاستثناء المتأخر لا يفيد. إذ لو كان يفيد لقال الله لأيوب قل إن شاء الله. ليكون ذلك استثناء في يمينك. قوله تعالى: * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إلاه إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذالك ننجى المؤمنين) *. أي واذكر ذا النون. والنون: الحوت. (وذا) بمعنى صاحب. فقوله * (ذا * النون) * معناه صاحب الحوت. كما صرح الله بذلك في (القلم) في قوله * (ولا تكن كصاحب الحوت) *. وإنما أضافه إلى الحوت لأنه النقمة كما قال تعالى: * (فالتقمه الحوت وهو مليم) *.
وقوله: * (فظن أن لن نقدر عليه) * فيه وجهان من التفسير لا يكذب أحدهما الآخر:
الأول أن المعنى * (فظن أن لن نقدر عليه) * أي لن نضيق عليه في بطن الحوت. ومن إطلاق (قدر) بمعنى (ضيق) في القرآن قوله تعالى: * (الله يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر) * أي ويضيق الرزق على من يشاء، وقوله تعالى: * (لينفق ذو سعة
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»