المسألة الثامنة اعلم أن جماهير القائلين بالقياس يقولون: إنه إن خالف النص فهو باطل، ويسمون القدح فيه بمخالفته للنص فساد الاعتبار. كما أشار إليه صاحب مراقي السعود بقوله: اعلم أن جماهير القائلين بالقياس يقولون: إنه إن خالف النص فهو باطل، ويسمون القدح فيه بمخالفته للنص فساد الاعتبار. كما أشار إليه صاحب مراقي السعود بقوله:
* والخلف للنص أو إجماع دعا * فساد الاعتبار كل من رعى * كما قدمناه في سورة (البقرة).
واعلم أن ما يذكره بعض علماء الأصول من المالكية وغيرهم من الإمام مالك رحمه الله: من أنه يقدم القياس على أخبار الآحاد خلاف التحقيق. والتحقيق: أنه رحمه الله يقدم أخبار الآحاد على القياس. واستقراء مذهبه يدل على ذلك دلالة واضحة، ولذلك أخذ بحديث المصراة في دفع صاع التمر عوض اللبن. ومن أصرح الأدلة التي لا نزاع بعدها في ذلك: أنه رحمه الله يقول: إن في ثلاثة أصابع من أصابع المرأة ثلاثين من الإبل، وفي أربعة أصابع من أصابعها عشرين من الإبل. كما قدمناه مستوفى في سورة (بني إسرائيل). ولا شيء أشد مخالفة للقياس من هذا كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن لسعيد بن المسيب حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها: نقص عقلها. ومالك خالف القياس في هذا لقول سعيد بن المسيب: إنه السنة كما تقدم. وبعد هذا فلا يمكن لأحد أن يقول: إن مالكا يقدم القياس على النص، ومسائل الاجتهاد والتقليد مدونة في أصول الفقه، ولأجل ذلك نكتفي بما ذكرنا من ذلك هنا.
المسألة التاسعة اعلم أن أكثر أهل العلم قالوا: إن الحرث الذي حكم فيه سليمان وداود إذ نقشت فيه غنم القوم بستان عنب: والنفش: رعي الغنم ليلا خاصة. ومنه قول الراجز: اعلم أن أكثر أهل العلم قالوا: إن الحرث الذي حكم فيه سليمان وداود إذ نقشت فيه غنم القوم بستان عنب: والنفش: رعي الغنم ليلا خاصة. ومنه قول الراجز:
* بدلن بعد النفش الوجيفا * وبعد طول الجرة الصريفا * وقيل: كان الحرث المذكور زرعا، وذكروا أن داود حكم بدفع الغنم لأهل الحرث عوضا من حرثهم الذي نفشت فيه فأكلته. وقال بعض أهل العلم: اعتبر قيمة الحرث فوجد الغنم بقدر القيمة فدفعها إلى أصحاب الحرث. إما لأنه لم يكن لهم دراهم أو تعذر بيعها، ورضوا بدفعها ورضي أولئك بأخذها بدلا من القيمة. وأما سليمان فحكم بالضمان على