كالأولاد وبني الأب، وإما أن تساويه كولد الأم. وأما أن الأنثى تأخذ ضعف ما يأخذ مع مساواته لها في درجته فلا عهد به في الشريعة. فهذا من أحسن الفهم عن الله ورسوله.
ومن ذلك أخذ الصحابة رضي الله عنهم في الفرائض بالعول، وإدخال النقص على جميع ذوي الفرائض قياسا على إدخال النقص على الغرماء إذا ضاق مال المفلس عن توفيتهم. ولا شك أن العول الذي أخذ به الصحابة رضي الله عنهم أعدل من توفية بعض المستحقين حقه كاملا ونقص بعضهم بعض حقه، فهذا ظلم لا شك فيه، وأمثال هذا كثيرة، فلو تقصيناها لطال الكلام جدا. وهذه الوقائع التي ذكرنا وأمثالها مما لم نذكر تدل دلالة قطعية على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستعملون القياس في الأحكام، ويعرفونها بالأمثال والأشباه والنظائر، ولا يلتفت إلى من يقدح في كل سند من أسانيدها، فإنها في كثرة طرقها واختلاف مخارجها وأنواعها جارية مجرى التواتر المعنوي الذي لا شك فيه وإن لم يثبت كل فرد فرد من الإخبار بها كما هو معروف في أصول الفقه وعلى الحديث.
المسألة الخامسة اعلم أن القياس جاءت على منعه في الجملة أدلة كثيرة، وبها تمسك الظاهرية ومن تبعهم، وسنذكر هنا إن شاء الله جملا وافية من ذلك ثم نبين الصواب فيه إن شاء الله تعالى.
قالوا: فمن ذلك قوله تعالى: * (فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الا خر) * وأجمع المسلمون على أن الرد إلى الله سبحانه هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه هو الرد إليه في حضوره وحياته، وإلى سنته في غيبته وبعد مماته، والقياس ليس بهذا ولا هذا، ولا يقال الرد إلى القياس هو من الرد إلى الله ورسوله. لدلالة الكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام كما تقدم تقريره. لأن الله سبحانه إنما ردنا إلى كتابه وسنة رسوله، ولم يردنا إلى قياس عقولنا وآرائنا فقط. بل قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (وأن احكم بينهم بمآ أنزل الله) *، وقال: * (إنآ أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بمآ أراك الله) * ولم يقل بما رأيت أنت. وقال: * (ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون) *، * (ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الظالمون) *،