ظنون مجردة لا تغني من الحق شيئا.
قالوا: وإن لم يكن قياس الضراط على السلام عليكم من الظن الذي نهينا عن اتباعه وتحكيمه، وأخبرنا أنه لا يغني من الحق شيئا فليس في الدنيا ظن باطل. فأين الضراط من السلام عليكم. وإن لم يكن قياس الماء الذي لاقى الأعضاء الطاهرة الطيبة عند الله في إزالة الحدث على الماء الذي لاقى أخبث العذرات والميتات والنجاسات ظنا. فلا ندري ما الظن الذي حرم الله سبحانه القول به، وذمه في كتابه، وسلخه من الحلق، وإن لم يكن قياس أعداء الله ورسوله من عباد الصلبان واليهود الذين هم أشد الناس عداوة للمؤمنين على أوليائه وخيار خلقه، وسادات الأمة وعلمائها وصلحائها في تكاثر دمائهم وجريان القصاص بينهم ظنا. فليس في الدنيا ظن يذم اتباعه.
قالوا من العجب أنكم قستم أعداء الله على أوليائه في جريان القصاص بينهم، فقتلتم ألف ولي لله تعالى قتلوا نصرانيا واحدا، ولم تقيسوا من ضرب رجلا بدبوس فنثر دماغه بين يديه على من طعنه بمسلة فقتله.
قالوا: وسنبين لكن من تناقض أقيستكم واختلافها رشدة اضطرابها ما يبين أنها من عند غير الله. قالوا: والله تعالى لم يكل بيان شريعته إلى آرائنا وأقيستنا واستنباطنا، وإنما وكلها إلى رسوله المبين عنه، فما بينه عنه وجب اتباعه، وما لم يبينه فليس من الدين، ونحن نناشدكم الله هل اعتمادكم في هذه الأقيسة الشبيهة والأوصاف الحدسية التخمينية على بيان الرسول، أو على آراء الرجال، وظنونهم وحدسهم. قال الله تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * فأين بين النبي صلى الله عليه وسلم؟ إني إذا حرمت شيئا أو أوجبته أو أبحته، فاستخرجوا وصفا ما شبيها جامعا بين ذلك وبين جميع ما سكت عنه فألحقوه به وقيسوه عليه. قالوا: والله تعالى قد نهى عن ضرب الأمثال له، فكما لا تضرب له الأمثال لا تضرب لدينه، وتمثيل ما لم ينص على حكمه بما نص عليه لشبه ما ضرب الأمثال لدينه. قالوا: وما ضربه الله ورسوله من الأمثال فهو حق، خارج عما نحن بصدده من إثباتكم الأحكام بالرأي والقياس من غير دليل من كتاب ولا سنة. وذكروا شيئا كثيرا من الأمثال التي ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم معترفين بأنها حق. قالوا: ولا تفيدكم في محل النزاع، قالوا: فالأمثال التي ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي لتقريب المراد، وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع. وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثل به. فإنه قد يكون أقرب إلى