اليقيني لتواترها معنى، كما لا يخفى على من ذلك. ورسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى المتضمنة لذلك مشهورة. وقال ابن القيم في (إعلام الموقعين): وقال الشعبي عن شريح قال لي عمر: اقض بما استبان لك من كتاب الله، فإن لم تعلم كل كتاب الله فاقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما استبان لك من أئمة المهتدين، فإن لم تعلم كل ما قضت به أئمة المهتدين فاجتهد رأيك، واستشر أهل العلم والصلاح.. إلى أن قال: وقايس علي بن أبي طالب رضي الله عنه زيد بن ثابت في المكاتب، وقايسه في الجد والإخوة، وقاس ابن عباس الأضراس بالأصابع وقال: عقلها سواء، اعتبروها بها. قال المزني: الفقهاء من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم، وأجمعوا بأن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، فلا يجوز لأحد إنكار القياس لأنه التشبيه بالأمور والتمثيل عليها.
قال أبو عمر بعد حكاية ذلك عنه: ومن القياس المجمع عليه صيد ما عدا الكلب من الجوارح قياسا على الكلاب بقوله: * (وما علمتم من الجوارح مكلبين) *، وقال عز وجل: * (والذين يرمون المحصنات) * فدخل في ذلك المحصنون قياسا. وكذلك قوله في الإماء * (فإذآ أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * فدخل في ذلك العبد قياسا عند الجمهور إلا من شذ ممن لا يكاد يعد قوله خلافا. وقال في جزاء الصيد المقتول في الإحرام: * (ومن قتله منكم متعمدا) * فدخل فيه قتل الخطأ قياسا عند الجمهور إلا من شذ وقال: * (ياأيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) * فدخل في ذلك الكتابيات قياسا:
وقال في الشهادة في المداينات: * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهدآء) * فدخل في معنى إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى قياسا للمواريث والودائع والغصوب وسائر الأموال. وأجمعوا على توريث البنتين الثلثين قياسا على الأختين. وقال عمن أعسر بما عليه من الربا: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * فدخل في ذلك كل معسر بدين حلال، وثبت ذلك قياسة.
ومن هذا الباب توريث الذكر ضعفي ميراث الأنثى منفردا، وإنما ورد النص في