مما لا ينكر تناول العموميين لها. فمن الناس من يتنبه لهذا، ومنهم من يتفطن لتناول العموميين لها.
ومن ذلك قوله تعالى: * (وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة) * قاست الأمة الرهن في الحضر على الرهن في السفر مع وجود الكاتب على الرهن مع عدمه. فإن استدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه في الحضر فلا عموم في ذلك. فإنما رهنها على شعير استقرضه من يهودي فلا بد من القياس: إما على الآية، وإما على السنة.
ومن ذلك أن سمرة بن جندب لما باع خمر أهل الذمة وأخذ ثمنها في العشور التي عليهم. فبلغ ذلك عمر قال: قاتل الله سمرة؟ أما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجعلوها وباعوها وأكلوا أثمانها) وهذا محض القياس من عمر رضي الله عنه. فإن تحريم الشحوم على اليهود كتحريم الخمر على المسلمين. وكما يحرم ثمن الشحوم المحرمة فكذلك يحرم ثمن الخمر الحرام.
ومن ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم جعلوا العبد على النصف من الحر في النكاح والطلاق والعدة، قياسا على ما نص الله عليه من قوله: * (فإذآ أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * ثم ذكر رحمه الله آثارا دالة على أن الصحابة جعلوا العبد على النصف من الحر فيما ذكر قياسا على ما نص الله عليه من تنصيف الحد على الأمة.
ومن ذلك توريث عثمان بن عفان رضي الله عنه المبتوتة في مرض الموت برأيه، ووافقه الصحابة على ذلك.
ومن ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه، قال: أحسب كل شيء بمنزلة الطعام.
ومن ذلك أن عمر وزيدا رضي الله عنهما لما قالا: إن الأم ترث ما بقي بعد أحد الزوجين في مسألة زوج أو زوجة مع الأبوين، قاسا وجود أحد الزوجين مع الأبوين على ما إذا لم يكن هناك زوج ولا زوجة، فإنه حينئذ يكون للأب ضعف ما للأم، فقدرا أن الباقي بعد الزوج أو الزوجة كل المال. وهذا من أحسن القياس. فإن قاعدة الفرائض: أن الذكر والأنثى إذا اجتمعا وكانا في درجة واحدة، فإما أن يأخذ الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى