في معنى إتيان الله الأرض ينقصها من أطرافها في هذه الآية الكريمة أقوال معروفة للعلماء: وبعضها تدل له قرينة قرآنية:
قال بعض العلماء: نقصها من أطرافها: موت العلماء، وجاء في ذلك حديث مرفوع عن أبي هريرة. وبعد هذا القول عن ظاهر القرآن بحسب دلالة السياق ظاهر كما ترى.
وقال بعض أهل العلم: نقصها من أطرافها خرابها عند موت أهلها.
وقال بعض أهل العلم: نقصها من أطرافها هو نقص الأنفس والثمرات، إلى غير ذلك من الأقوال، وأما القول الذي دلت عليه القرينة القرآنية: فهو أن معنى * (ننقصها من أطرافهآ) * أي ننقص أرض الكفر ودار الحرب، ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها، وردها دار إسلام. والقرينة الدالة على هذا المعنى هي قوله بعده * (أفهم الغالبون) *. والاستفهام لإنكار غلبتهم. وقيل: لتقريرهم بأنهم مغلوبون لا غالبون، فقوله: * (أفهم الغالبون) * دليل على أن نقص الأرض من أطرافها سبب لغلبة المسلمين للكفار، وذلك إنما يحصل بالمعنى المذكور. ومما يدل لهذا الوجه قوله تعالى: * (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتى وعد الله) * على قول من قال: إن المراد بالقارعة التي تصيبهم ضرايا النبي صلى الله عليه وسلم تفتح أطراف بلادهم، أو تحل أنت يا نبي الله قريبا من دارهم. وممن يروي عنه هذا القول: ابن عباس وأبو سعيد وعكرمة ومجاهد وغيرهم. وهذا المعنى الذي ذكر الله هنا ذكره في آخر سورة (الرعد) أيضا في قوله: * (أولم يروا أنا نأتى الا رض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب) *. وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير آية (الأنبياء) هذه: إن أحسن ما فسر به قوله تعالى: * (أفلا يرون أنا نأتى الا رض ننقصها من أطرافهآ) * هو قوله تعالى: * (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الا يات لعلهم يرجعون) *.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ما ذكره ابن كثير رحمه الله صواب، واستقراء القرآن العظيم يدل عليه. وعليه فالمعنى: أفلا يرى كفار مكة ومن سار سيرهم في تكذيبك يا نبي الله، والكفر بما جئت به * (أنا نأتى الا رض ننقصها من أطرافهآ) * أي بإهلاك الذين كذبوا الرسل كما أهلكنا قوم صالح وقوم لوط، وهم يمرون بديارهم. وكما