أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٦٢
القرآن العظيم * (ذكر مبارك) * أي كثير البركات والخيرات. لأن فيه خير الدنيا والآخرة. ثم وبخ من ينكرونه منكرا عليهم بقوله * (أفأنتم له منكرون) *. وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أن هذا القرآن مبارك بينه في مواضع متعددة من كتابه. كقوله تعالى في (الأنعام): * (وهاذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) *، وقوله فيها أيضا: * (وهاذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه) *. وقوله تعالى في (ص) * (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولو الا لباب) *، إلى غير ذلك من الآيات. فنرجو الله تعالى القريب المجيب: أن تغمرنا بركات هذا الكتاب العظيم المبارك بتوفيق الله تعالى لنا لتدبر آياته، والعمل بما فيها من الحلال والحرام، والأوامر والنواهي. والمكارم والآداب: امتثالا واجتنابا، إنه قريب مجيب.
* (ولقد ءاتينآ إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لابيه وقومه ما هاذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنآ ءابآءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وءابآؤكم فى ضلال مبين * قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين * قال بل ربكم رب السماوات والا رض الذى فطرهن وأنا على ذالكم من الشاهدين * وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون * قالوا من فعل هاذا بأالهتنآ إنه لمن الظالمين * قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم * قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون * قالوا ءأنت فعلت هاذا بأالهتنا ياإبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هاذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هاؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون * قالوا حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الا خسرين * ونجيناه ولوطا إلى الا رض التى باركنا فيها للعالمين * ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين) * قوله تعالى: * (ولقد ءاتينآ إبراهيم رشده من قبل) *. قد قدمنا ما يوضح هذه الآيات إلى آخر القصة من القرآن في سورة (مريم) فأغنى ذلك عن إعادته هنا. قوله تعالى * (قالوا حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن نبيه إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما أفحم قومه الكفرة بالبراهين والحجج القاطعة، لجؤوا إلى استعمال القوة فقالوا: * (حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين) * أي اقتلوا عدوها إبراهيم شر قتلة، وهي الإحراق بالنار.
ولم يذكر هنا أنهم أرادوا قتله بغير التحريق: ولكنه تعالى ذكر في سورة (العنكبوت) أنهم * (قالوا اقتلوه أو حرقوه) * وذلك في قوله: * (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه) *.
وقد جرت العادة بأن المبطل إذا أفحم بالدليل لجأ إلى عنده من القوة ليستعملها ضد الحق.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (إن كنتم فاعلين) * أي إن كنتم ناصرين آلهتكم نصرا مؤزرا. فاختاره له أفظع قتلة، وهي الإحراق بالنار. وإلا فقد فرطتم في نصرها. قوله تعالى: * (قلنا يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الا خسرين) *. في الكلام حذف دل المقام عليه، وتقديره: قالوا حرقوه فرموه في النار، فلما فعلوا
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»