أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٣١
لم تأتهم بينة ما فى الصحف الا ولى) * كما أوضحنا. والعلم عند الله تعالى. ويزيد ذلك إيضاحا الحديث المتفق عليه: (ما من نبي من الأنبياء إلا أوتي ما آمن البشر على مثله، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) وفي الآية أقوال أخر غير ما ذكرنا. قوله تعالى: * (ولو أنآ أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك من قبل أن نذل ونخزى) *. قد قدمنا في سورة (النساء) أن آية (طه) هذه تشير إلى معناها آية (القصص) التي هي قوله تعالى: * (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك ونكون من المؤمنين) * وأن تلك الحجة التي يحتجون بها لو لم يأتهم نذير هي المذكورة في قوله تعالى: * (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) *. فقوله تعالى: * (قل كل متربص فتربصوا) *. أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة: أن يقول للكفار الذين يقترحون عليه الآيات عنادا وتعنتا: كل منا ومنكم متربص، أي منتظر ما يحل بالآخر من الدوائر كالموت والغلبة. وقد أوضح في غير هذا الموضع أن ما ينتظره النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمون كله خير، بعكس ما ينتظره ويتربص الكفار. كقوله تعالى: * (قل هل تربصون بنآ إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون) *، وقوله: * (ومن الا عراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دآئرة) *، إلى غير ذلك من الآيات. والتربص: الانتظار. قوله تعالى: * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار سيعلمون في ثاني حال من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى. أي وفق لطريق الصواب والديمومة على ذلك. وأمر نبيه أن يقول ذلك للكفار. والمعنى: سيتضح لكم أنا مهتدون، وأنا على صراط مستقيم، وأنكم على ضلال وباطل. وهذا يظهر لهم يوم القيامة إذا عاينوا الحقيقة، ويظهر لهم في الدنيا لما يرونه من نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»