إيضاحه.
وقوله: * (والبقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا) * إيضاحه في سورة (الكهف). فإن قيل: ظاهر الآية أن لفظة * (خير) * في قوله: * (ثوابا وخير مردا) * صيغة تفضيل، والظاهر أن المفضل عليه هو جزاء الكافرين. ويدل لذلك ما قاله صاحب الدر المنثور، قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: * (خير عند ربك ثوابا) *. يعني خير جزاء من جزاء المشركين. * (وخير مردا) * يعني مرجحا من مرجعهم إلى النار. والمعروف في العربية أن صيغة التفضيل تقتضي مشاركة المفضل عليه. والخيرية منفية بتاتا عن جزاء المشركين وعن مردهم، فلم يشاركوا في ذلك المسلمين حتى يفضلوا عليهم.
فالجواب أن الزمخشري في كشافه حاول الجواب عن هذا السؤال بما حاصله: أنه كأنه قيل ثوابهم النار، والجنة خير منها على طريقة قول بشر بن أبي حازم: فالجواب أن الزمخشري في كشافه حاول الجواب عن هذا السؤال بما حاصله: أنه كأنه قيل ثوابهم النار، والجنة خير منها على طريقة قول بشر بن أبي حازم:
* غضبت تميم أن تقتل عامر * يوم النسار فأعتبوا بالصيلم * فقوله: (أعتبوا بالصيلم) يعني أرضوا بالسيف، أي لا رضى لهم عندنا إلا السيف لقتلهم به. ونظيره قول عمرو بن معدي كرب: (أعتبوا بالصيلم) يعني أرضوا بالسيف، أي لا رضى لهم عندنا إلا السيف لقتلهم به. ونظيره قول عمرو بن معدي كرب:
* وخيل قد دلفت لها بخيل * تحية بينهم ضرب وجميع * أي لا تحية بينهم إلا الضرب الوجيع. وقول الآخر: أي لا تحية بينهم إلا الضرب الوجيع. وقول الآخر:
* شجعاء جرتها الذميل تلوكه * أصلا إذا راح المطي غراثا * يعني أن هذه الناقة لا جرة لها تخرجها من كرشها فتمضغها إلا السير، وعلى هذا المعنى فالمراد: لا ثواب لهم إلا النار. وباعتبار جعلها ثوابا بهذا المعنى فضل عليها ثواب المؤمنين. هذا هو حاصل جواب الزمخشري مع إيضاحنا له.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ويظهر لي في الآية جواب آخر أقرب من هذا، وهو أنا قدمنا أن القرآن والسنة الصحيحة دلا على أن الكافر مجازى بعمله الصالح في الدنيا، فإذا بر والديه ونفس عن المكروب، وقرى الضيف، ووصل الرحم مثلا يبتغي بذلك وجه الله فإن الله يثيبه في الدنيا، كما قدمنا دلالة الآيات عليه، وحديث أنس عند مسلم. فثوابه هذا الراجع إليه من عمله في الدنيا، هو الذي فضل الله عليه في الآية ثواب المؤمنين. وهذا واضح لا إشكال فيه. والعلم عند الله تعالى.