الرجل منا بقوم دهشا إلى طهوره، ثم أمر بلالا فأذن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام فصلينا. فقالوا: يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: (أينهاكم ربكم تعالى عن الربا ويقبله منكم)؟ ا ه. وأصلي حديث عمران هذا في الصحيحين. وليس فيهما ذكر الأذان والإقامة، ولا قوله: فقالوا يا رسول الله ألا نعيدها إلى آخره.
والحاصل أن قضاء النائم والناسي لا خلاف فيه بين العلماء. وقد دلت عليه الأحاديث التي ذكرنا وأمثالها مما لم نذكره.
المسألة الرابعة اعلم أن التحقيق أنه يجب تقديم الصلوات الفوائت على الصلاة الحاضرة. والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش. قال يا رسول الله، ما كدت أصل العصر حتى كادت الشمس تغرب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله ما صليتها) فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها. فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب ا ه. فهذا الحديث المتفق عليه فيه التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر قضاء بعد غروب الشمس وقدمها على المغرب. وهو نص صحيح صريح في تقديم الفائتة على الحاضرة. والمقرر في الأصول: أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة من قرينة الوجوب وغيره تحمل على الوجوب، لعموم النصوص الواردة بالتأسي به صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله. وللاحتياط في الخروج من عهدة التكليف.
ومن أظهر الأدلة في ذلك أنه لما خلع نعله في الصلاة فخلع أصحابه نعالهم تأسيا به صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلموا أن جبريل أخبره أن بباطنها أذى، وسألهم صلى الله عليه وسلم لم خلعوا نعالهم؟ وأجابوا بأنهم رأوه خلع نعله وهو فعل مجرد من قرائن الوجوب وغيره أقرهم على ذلك ولم ينكر عليهم. فدل ذلك على لزوم التأسي به في أفعاله المجردة من القرائن. والحديث وإن ضعفه بعضهم بالإرسال فقد رجح بعضهم وصله.
والأدلة الكثيرة الدالة على وجوب التأسي به صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة شاهدة له. وإلى كون أفعاله صلى الله عليه وسلم المجردة من القرائن تحمل على الوجوب أشار في مراقي السعود في كتاب السنة بقوله: المجردة من القرائن تحمل على الوجوب أشار في مراقي السعود في كتاب السنة بقوله:
* وكل ما الصفة فيه تجهل * فللموجوب في الأصح يجعل *