إعمال الدليلين أولى إن إلغاء أحدهما كما هو معلوم في الأصول وعلم الحديث. وقال النووي (في شرح المهذب) بعد أن ساق أدلة من قالوا إنه غير كافر ما نصه: ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويورثون عنه ولو كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث.
وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث جابر وبريدة، ورواية ابن شقيق فهو أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو القتل. وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده التي ذكرناها انتهى محل الغرض منه.
المسألة الثالثة أجمع العلماء على أن من نسي الصلاة أو نام عنها حتى خرج وقتها يجب عليه قضاؤها. وقد دلت على ذلك أدلة صحيحة:
(منها) ما رواه الشيخان في صحيحهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك).
(ومنها) ما رواه مسلم عن أنس أيضا مرفوعا: (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: * (وأقم الصلواة لذكرى) *).
(ومنها) ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها. فإن الله يقول: * (وأقم الصلواة لذكرى) *).
(ومنها) ما رواه النسائي، والترمذي وصححه، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة؟ فقال: (إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها).
(ومنها) ما رواه مسلم، والإمام أحمد، عن أبي قتادة في قصة نومهم عن صلاة الفجر قال: ثم أذن بلال بالصلاة. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
(ومنها) ما أخرجه الإمام أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، وابن أبي شيبة، والطبراني وغيرهم، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: سرينا مع النبي صلى الله عليه وسلم. فلما كان في آخر الليل عرسنا فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل