أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٨
وفي حمله على الوجوب مناقشات معروفة في الأصول. انظرها في (نشر البنود) وغيره.
ويعتضد ما ذكرنا من أن فعله المجرد الذي هو تقديم العصر الفائتة على المغرب الحاضرة يقتضي الوجوب بقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي). وقال الحافظ في (فتح الباري) في استدلال البخاري على تقديم الأولى من الفوائت. فالأولى بفعل النبي صلى الله عليه وسلم المذكور ما نصه: ولا ينهض الاستدلال به لمن يقول بترتيب الفوائت، إلا إذا قلنا: إن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة للوجوب. اللهم إلا أن يستدل له بعموم قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي). وقد اعتبر ذلك الشافعية في أشياء غير هذا انتهى منه.
ونحن نقول: الأظهر أن الأفعال المجردة تقتضي الوجوب كما جزم به صاحب المراقي في البيت المذكور، وكذلك عموم حديث: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يقتضي ذلك أيضا. والعلم عند الله تعالى واعلم أنه إن تذكر فائتة في وقت حاضرة ضيق. فقد اختلف العلماء: هل يقدم الفائنة وإن خرج وقت الحاضرة أو لا إلى ثلاثة مذاهب:
الأول أنه يقدم الفائتة وإن خرج وقت الحاضرة. هو مذهب مالك وجل أصحابه.
الثاني: أن يبدأ بالحاضرة محافظة على الوقت. وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وأكثر أصحاب الحديث.
الثالث أنه يخير في تقديم ما شاء منهما. وهو قول أشهب من أصحاب مالك. قال عياض: ومحل الخلاف إذا لم تكثر الصلوات الفوائت. فأما إذا كثرت فلا خلاف أنه يبدأ بالحاضرة. واختلفوا في حد القليل في ذلك. فقيل صلاة يوم. وقيل أربع صلوات.
المسألة الخامسة أما ترتيب الفوائت في أنفسها فأكثر أهل العلم على وجوبه مع الذكر لا مع النسيان. وهو الأظهر: وقال الشافعي رحمه الله: لا يجب الترتيب واجب مطلقا، قلت الفوائت أم كثرت. وبه قال أحمد وزفر. وعن أحمد رحمه الله: لو نسي الفوائت صحت الصلوات التي صلى بعدها. وقال أحمد وإسحاق: لو
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»