أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٨
هذا الأمر. وكقوله: * (ياأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) *. ويدخل في ذلك أمرهم أهليهم بالصلاة والزكاة. إلى غير ذلك من الآيات.
مسألة اختلف العلماء في لزوم الوفاء بالعهد. فقال بعضهم: يلزم الوفاء به مطلقا. وقال بعضهم: لا يلزم مطلقا. وقال بعضهم: إن أدخله بالوعد في ورطة لزم الوفاء به، وإلا فلا. ومثاله ما لو قال له: تزوج. فقال له: ليس عندي ما أصدق به الزوجة. فقال: تزوج والتزم لها الصداق وأنا أدفعه عنك، فتزوج على هذا الأساس، فإنه قد أدخله بوعده في ورطة التزام الصداق. واحتج من قال يلزمه: بأدلة منها آيات من كتاب الله دلت بظواهر عمومها على ذلك وبأحاديث. فالآيات كقوله تعالى: * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) *، وقوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود) *، وقوله تعالى: * (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الا يمان بعد توكيدها) *، وقوله هنا: * (إنه كان صادق الوعد) *، ونحو ذلك من الآيات والأحاديث كحديث (العدة دين) فجعلها دينا دليل على لزومها. قال صاحب كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: (العدة دين، رواه الطبراني في الأوسط والقضاعي وغيرهما عن ابن مسعود بلفظ قال: لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العدة دين) ورواه أبو نعيم عنه بلفظ: إذا وعد أحدكم صبيه فلينجز له: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكره بلفظ (عطية) ورواه البخاري في الأدب المفرد موقوفا، ورواه الطبراني والديلمي عن علي مرفوعا بلفظ: العدة دين. ويل لمن وعد ثم أخلف. ويل له..) ثلاثا. ورواه القضاعي بلفظ الترجمة فقط. والديلمي أيضا بلفظ: (الوعد بالعدة مثل الدين أو أشد) أي وعد الواعد. وفي لفظ له (عدة المؤمن دين. وعدة المؤمن كالأخذ باليد). وللطبراني في الأوسط عن قياث بن أشيم الليثي مرفوعا: (العدة عطية). وللخرائطي في المكارم عن الحسن البصري مرسلا: أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فلم تجد عنده، فقالت: عدني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العدة عطية) وهو في مراسيل أبي داود. وكذا في الصمت لابن أبي الدنيا عن الحسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العدة عطية). وفي رواية لهما عن الحسن أنه قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال: (ما عندي ما أعطيك) قال: في المقاصد بعد ذكر الحديث وطرقه: وقد أفردته مع
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»