أولائك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الا خرة عذاب عظيم) *. والآيات في مثل هذا المعنى كثيرة.
القول الثاني أن في الآية الكريمة مضافا محذوفا، تقديره: وما منع الناس من الإيمان والاستغفار إلا طلبهم أن تأتيهم سنة الأولين، أو يأتيهم العذاب قبلا.
والآيات الدالة على طلبهم الهلاك والعذاب عنادا وتعنتا كثيرة جدا، كقوله عن قوم شعيب: * (فأسقط علينا كسفا من السمآء إن كنت من الصادقين) *، وكقوله عن قوم هود: * (قالوا أجئتنا لتأفكنا عن ءالهتنا فأتنا بما تعدنآ إن كنت من الصادقين) *، وكقوله عن قوم صالح: * (وقالوا ياصاح ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين) *، وكقوله عن قوم لوط: * (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) *، وكقوله عن قوم نوح: * (قالوا يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنآ إن كنت من الصادقين) *.
فهذه الآيات وأمثالها في القرآن ذكر الله فيها شيئا من سنة الأولين: أنهم يطلبون تعجيل العذاب عنادا وتعنتا. وبين تعالى أنه أهلك جميعهم بعذاب مستأصل، كإهلاك قوم نوح بالطوفان، وقوم صالح بالصيحة، وقوم شعيب بعذاب يوم الظلة، وقوم هود بالريح العقيم، وقوم لوط بجعل عالي قراهم سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم، كما هو مفصل في الآيات القرآنية.
وبين في آيات كثيرة: أن كفار هذه الأمة كمشركي قريش سألوا العذاب كما سأله من قبلهم، كقوله: * (وإذ قالوا اللهم إن كان هاذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السمآء أو ائتنا بعذاب أليم) *، وقوله: * (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) * وأصل القط: كتاب الملك الذي فيه الجائزة، وصار يطلق على النصيب: فمعنى * (عجل لنا قطنا) * أي نصيبا المقدر لنا من العذاب الذي تزعم وقوعه بنا إن لم نصدقك ونؤمن بك، كالنصيب الذي بقدره الملك في القط الذي هو كتاب الجائزة، ومنه قول الأعشى: عجل لنا قطنا) * أي نصيبا المقدر لنا من العذاب الذي تزعم وقوعه بنا إن لم نصدقك ونؤمن بك، كالنصيب الذي بقدره الملك في القط الذي هو كتاب الجائزة، ومنه قول الأعشى:
* ولا الملك النعمان يوم لقيته * بغبطته يعطي القطوط ويأفق * وقوله (يأفق) أي يفضل بعضا على بعض في العطاء. والآيات بمثل ذلك كثيرة. والقول الأول أظهر عندي، لأن ما لا تقدير فيه أولى مما فيه تقدير إلا بحجة