أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٧
وقال في الثاني: * (ويوم يناديهم فيقول ماذآ أجبتم المرسلين) *.
وبين في موضع آخر أنه يسأل جميع الخلق عما كانوا يعلمون، وهو قوله تعالى: * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) *.
وهنا إشكال معروف: وهو أنه تعالى قال هنا: * (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين) *، وقال أيضا: * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) *، وقال: * (وقفوهم إنهم مسئولون) *، وهذا صريح في إثبات سؤال الجميع يوم القيامة، مع أنه قال: * (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) *، وقال: * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جآن) *.
وقد بينا وجه الجمع بين الآيات المذكورة في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) وسنزيده إيضاحا هنا إن شاء الله تعالى.
اعلم أولا: أن السؤال المنفي في الآيات المذكورة. أخص من السؤال المثبت فيها. لأن السؤال المنفي فيها مقيد بكونه سؤالا عن ذنوب خاصة. فإنه قال: * (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) * فخصه بكونه عن الذنوب، وقال: * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جآن) * فخصه بذلك أيضا. فيتضح من ذلك أن سؤال الرسل والمؤودة مثلا ليس عن ذنب فعلوه فلا مانع من وقوعه. لأن المنفي خصوص السؤال عن ذنب، ويزيد ذلك إيضاحا قوله تعالى: * (ليسأل الصادقين عن صدقهم) *، وقوله بعد سؤاله لعيسى المذكور في قوله: * (وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أءنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلاهين من دون الله) *. * (قال الله هاذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) *، والسؤال عن الذنوب المنفي في الآيات: المراد به سؤال الاستخبار والاستعلام. لأنه جل وعلا محيط علمه بكل شيء، ولا ينافي نفي هذا النوع من السؤال ثبوت نوع آخر منه هو سؤال التوبيخ والتقريع. لأنه نوع من أنواع العذاب، ويدل لهذا أن سؤال الله للكفار في القرآن كله توبيخ وتقريع كقوله: * (وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون) *. وقوله: * (أفسحر هاذا أم أنتم لا تبصرون) *. إلى غير ذلك من الآيات وباقي أوجه الجمع مبين في كتابنا المذكور والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: * (فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غآئبين) *.
بين تعالى في هذه الآية
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»