يريد تهديدهم بذلك بقوله: * (وللكافرين أمثالها) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقد هدد تعالى أهل القرى بأن يأتيهم عذابه ليلا في حالة النوم، أو ضحى في حالة اللعب، في قوله تعالى: * (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نآئمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون) *. وهدد أمثالهم من الذين مكروا السيئات بقوله تعالى: * (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الا رض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم) *.
قوله تعالى: * (فما كان دعواهم إذ جآءهم بأسنآ إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) *.
وبين تعالى في هذه الآية الكريمة أن تلك القرى الكثيرة التي أهلكها في حال البيات، أو في حال القيلولة، لم يكن لهم من الدعوى إلا اعترافهم بأنهم كانوا ظالمين.
وأوضح هذا المعنى في قوله: * (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما ءاخرين فلمآ أحسوا بأسنآ إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى مآ أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا ياويلنآ إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) *.
قال ابن جرير رحمه الله في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم) حدثنا بذلك ابن حميد. حدثنا جرير عن أبي سنان عن عبد الملك بن ميسرة الزراد قال: قال عبد الله بن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم) قال: قلت لعبد الله كيف يكون ذلك؟ قال: فقرأ هذه الآية * (فما كان دعواهم إذ جآءهم بأسنآ إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) *.
قوله تعالى: * (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين) *.
لم يبين هنا الشيء المسؤول عنه المرسلون، ولا الشيء المسؤول عنه الذين أرسل إليهم.
وبين في مواضع أخر أنه يسأل المرسلين عما أجابتهم به أممهم، ويسأل الأمم عما أجابوا به رسلهم.
قال في الأول: * (يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذآ أجبتم) *.