وذهب بعض العلماء إلى أن للإمام أن ينفل منها بعض الشيء باجتهاده، وهو أظهر دليلا، وسيأتي له زيادة إيضاح إن شاء الله تعالى. * * المسألة الثانية: هي تحقيق المقام في مصارف الخمس الذي يؤخذ من الغنيمة قبل القسمة. فظاهر الآية الكريمة أنه يجعل ستة أنصباء: نصيب لله جل وعلا، ونصيب للرسول صلى الله عليه وسلم، ونصيب لذي القربى، ونصيب لليتامى، ونصيب للمساكين، ونصيب لابن السبيل.
وبهذا قال بعض أهل العلم: قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية الرياحي، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالغنيمة فيخمسها على خمسة تكون أربعة أخماس منها لمن شهدها، ثم يؤخذ الخمس فيضرب بيده فيه، فيأخذ الذي قبض كفه، فيجعله للكعبة وهو سهم الله، ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم، فيكون سهم للرسول صلى الله عليه وسلم وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
وعلى هذا القول فنصيب الله جل وعلا يجعل للكعبة، ولا يخفى ضعف هذا القول لعدم الدليل عليه.
وقال بعض من قال بهذا القول: إن نصيب الله جل وعلا يرد على ذوي الحاجة.
والتحقيق أن نصيب الله جل وعلا، ونصيب الرسول صلى الله عليه وسلم واحد، وذكر اسمه جل وعلا استفتاح كلام للتعظيم، وممن قال بهذا القول ابن عباس، كما نقله عنه الضحاك. وهو قول إبراهيم النخعي، والحسن بن محمد بن الحنفية، والحسن البصري، والشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن بريدة، وقتادة، ومغيرة وغير واحد كما نقله عنهم ابن كثير.
والدليل على صحة هذا القول ما رواه البيهقي بإسناد صحيح، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى، وهو يعرض فرسا، فقلت: يا رسول الله ما تقول في الغنيمة؟ فقال: (لله خمسها، وأربعة أخماسها للجيش) قلت: فما أحد أولى به من أحد، قال: (لا ولا السهم تستخرجه من جيبك لست أحق به من أخيك المسلم) وهذا دليل واضح على ما ذكرنا. ويؤيده أيضا ما رواه الإمام أحمد عن المقدام بن معد يكرب الكندي، أنه جلس مع عبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، والحارث بن معاوية الكندي رضي الله عنهم، فتذاكروا