أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٧
المسألة الأولى لا خلاف بين المسلمين في جواز النسخ عقلا وشرعا، ولا في وقوعه فعلا، ومن ذكر عنه خلاف في ذلك كأبي مسلم الأصفهاني فإنه إنما يعني أن النسخ تخصيص لزمن الحكم بالخطاب الجديد. لأن ظاهر الخطاب الأول استمرار الحكم في جميع الزمن. والخطاب الثاني دل على تخصيص الحكم الأول بالزمن الذي قبل النسخ. فليس النسخ عنده رفعا للحكم الأول. وقد أشار إليه في مراقي السعود بقوله في تعريف النسخ:
* رفع لحكم أو بيان الزمن * بمحكم القرآن أو بالسنن * وإنما خالف فيه اليهود وبعض المشركين، زاعمين أنه يلزمه البداء كما بينا. ومن هنا قالت اليهود: إن شريعة موسى يستحيل نسخها.
المسألة الثانية لا يصح نسخ حكم شرعي إلا بوحي من كتاب أو سنة. لأن الله جل وعلا يقول: * (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقآءنا ائت بقرءان غير هاذآ أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقآء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) * وبه تعلم أن النسخ بمجرد العقل ممنوع، وكذلك لا نسخ بالإجماع. لأن الإجماع لا ينعقد إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم: لأنه ما دام حيا فالعبرة بقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وسلم، ولا حجة معه في قول الأمة، لأن اتباعه فرض على كل أحد ولذا لا بد في تعريف الإجماع من التقييد بكونه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، كما قال صاحب المراقي في تعريف الإجماع:، كما قال صاحب المراقي في تعريف الإجماع:
* وهو الاتفاق من مجتهدي * الأمة من بعد وفاة أحمد * وبعد وفاته ينقطع النسخ. لأنه تشريع، ولا تشريع البتة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وإلى كون العقل والإجماع لا يصح النسخ بمجردهما أشار في مراقي السعود أيضا بقوله في النسخ:، وإلى كون العقل والإجماع لا يصح النسخ بمجردهما أشار في مراقي السعود أيضا بقوله في النسخ:
* فلم يكن بالعقل أو مجرد * الإجماع بل ينمى إلى المستند * وقوله (بل ينمى إلى المستند) يعني أنه إذا وجد في كلام العلماء أن نصا منسوخ بالإجماع، فإنهم إنما يعنون أنه منسوخ بالنص الذي هو مستند الإجماع، لا بنفس الإجماع. لما ذكرنا من منع النسخ به شرعا. وكذلك لا يجوز نسخ الوحي بالقياس على التحقيق، وإليه أشار في المراقي بقوله: وقوله (بل ينمى إلى المستند) يعني أنه إذا وجد في كلام العلماء أن نصا منسوخ بالإجماع، فإنهم إنما يعنون أنه منسوخ بالنص الذي هو مستند الإجماع، لا بنفس الإجماع. لما ذكرنا من منع النسخ به شرعا. وكذلك لا يجوز نسخ الوحي بالقياس على التحقيق، وإليه أشار في المراقي بقوله:
* ومنه نسخ النص بالقياس * هو الذي ارتضاه جل الناس * أي وهو الحق.
المسألة الثالثة اعلم أن ما يقوله بعض أهل الأصول من المالكية والشافعية وغيرهم: من جواز النسخ بلا بدل، وعزاه غير واحد للجمهور، وعليه درج في المراقي بقوله:
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»