أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٣
وقوله: * (إن المتقين فى جنات ونعيم) * إلى غير ذلك من الآيات. * (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون * هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولاكن كانوا أنفسهم يظلمون * فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون * وقال الذين أشركوا لو شآء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا ءاباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء كذالك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين * ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا فى الا رض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين * إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين * وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولاكن أكثر الناس لا يعلمون * ليبين لهم الذى يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين * إنما قولنا لشىء إذآ أردناه أن نقول له كن فيكون * والذين هاجروا فى الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم فى الدنيا حسنة ولاجر الا خرة أكبر لو كانوا يعلمون * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون * ومآ أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون * بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون * أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الا رض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم * أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمآئل سجدا لله وهم داخرون * ولله يسجد ما فى السماوات وما فى الا رض من دآبة والملائكة وهم لا يستكبرون * يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون * وقال الله لا تتخذوا إلاهين اثنين إنما هو إلاه واحد فإياي فارهبون * وله ما فى السماوات والا رض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون * وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون * ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بمآ ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) * قوله تعالى: * (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المتقين الذين كانوا يمتثلون أوامر ربهم، ويجتنبون نواهيه تتوفاهم الملائكة: أي يقبضون أرواحهم في حال كونهم طيبين: أي طاهرين من الشرك والمعاصي على أصح الفسيرات ويبشرونهم بالجنة، ويسلمون عليهم.
وبين هذا المعنى أيضا في غير هذا الموضع. كقوله: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون) *، وقوله: * (وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) *، وقوله: * (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) *. والبشارة عند الموت، وعند دخول الجنة من باب واحد. لأنها بشارة بالخير بعد الانتقال إلى الآخرة. ويفهم من صفات هؤلاء الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ويقولون لهم سلام عليكم أدخلوا الجنة أن الذين لم يتصفوا بالتقوى لم تتوفهم الملائكة على تلك الحال الكريمة، ولم تسلم عليهم، ولم تبشرهم.
وقد بين تعالى هذا المفهوم في مواضع أخر. كقوله: * (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم) *، وقوله: * (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم) * إلى قوله * (وسآءت مصيرا) *، وقوله: * (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: * (تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم) *، وقوله: * (تتوفاهم الملائكة طيبين) * قرأهما عامة القراء غير حمزة (تتوفاهم) بتاءين فوقيتين. وقرأ حمزة (يتوفاهم) بالياء في الموضعين.
تنبيه أسند هنا جل وعلا التوفي للملائكة في قوله: * (تتوفاهم الملائكة) *
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»