أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٨
، وقوله: * (ءاأن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) *، إلى غير ذلك من الآيات. وقوله تعالى: * (ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) *. يعني أن الذين تتوفاهم الملائكة في حال كونهم ظالمي أنفسهم إذا عاينوا الحقيقة ألقوا السلم وقالوا: ما كنا نعمل من سوء. فقوله * (ما كنا نعمل من سوء) * معمول قول محذوف بلا خلاف.
والمعنى: أنهم ينكرون ما كانوا يعملون من السوء، وهو الكفر وتكذيب الرسل والمعاصي. وقد بين الله كذبهم بقوله: * (بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) *.
وبين في مواضع أخر: أنهم ينكرون ما كانوا عليه من الكفر والمعاصي كما ذكر هنا. وبين كذبهم في ذلك أيضا. كقوله: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) *، وقوله: * (قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله) *. وقوله: * (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شىء ألا إنهم هم الكاذبون) *، وقوله: * (ويقولون حجرا محجورا) * أي حراما محرما أن تمسونا بسوء. لأنا لم نفعل ما نستحق به ذلك، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله هنا (بلى) تكذيب لهم في قولهم * (ما كنا نعمل من سوء) *.
تنبيه لفظة (بلى) لا تأتي في اللغة العربية إلا لأحد معنيين لا ثالث لهما:
الأول أن تأتي لإبطال نفي سابق في الكلام، فهي نقيضة (لا). لأن (لا) لنفي الإثبات، و (بلى) لنفي النفي. كقوله هنا: * (ما كنا نعمل من سوء) * فهذا النفي نفته لفظة (بلى) أي كنتم تعملون السوء من الكفر والمعاصي. وكقوله: * (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن) *، وكقوله: * (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم) * وقوله: * (وقالوا لن يدخل الجنة
(٣٦٨)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»