أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٧١
كسا الله العظام لحما، وأنشأها خلقا آخر، وأخرجه للعالم في هذه الدار، ثم ينتقل إلى القبر، ثم إلى المحشر، ثم يتفرقون * (يومئذ يصدر الناس أشتاتا) * فسالك ذات اليمين إلى الجنة، وسالك ذات الشمال إلى النار * (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم فى روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بأاياتنا ولقآء الاخرة فأولائك فى العذاب محضرون) *.
فإذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار فعند ذلك تلقى عصا التسيار، ويذبح الموت، ويقال: يأهل الجنة خلود فلا موتا ويأهل الجنة خلود فلا موتا ويبقى ذلك دائما لا انقطاع له ولا تحول عنه إلى محل آخر.
فهذا معنى وصفها بالآخرة. كما أوضحه جل وعلا بقوله: * (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا ءاخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذالك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون) *.
تنبيه أضاف جل وعلا في هذه الآية الكريمة الدار إلى الآخرة، مع أن الدار هي الآخرة بدليل قوله: * (ولدار الاخرة) * الآية، بتعريف الدار ونعتها بالآخرة في غير هذا الموضع. وعلى مقتضى قول ابن مالك في الخلاصة: أضاف جل وعلا في هذه الآية الكريمة الدار إلى الآخرة، مع أن الدار هي الآخرة بدليل قوله: * (ولدار الاخرة) * الآية، بتعريف الدار ونعتها بالآخرة في غير هذا الموضع. وعلى مقتضى قول ابن مالك في الخلاصة:
* ولا يضاف اسم لما به اتحد * معنى وأول موهما إذا ورد * فإن لفظ (الدار) يؤول بمسمى الآخرة. وقد بينا في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في (سورة فاطر) في الكلام على قوله (ومكر السييء) أن الذي يظهر لنا أن إضافة الشيء إلى نفسه بلفظين مختلفين أسلوب من أساليب اللغة العربية. لتنزيل التغاير في اللفظ منزلة التغاير في المعنى. وبينا كثرته في القرآن، وفي كلام العرب. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولنعم دار المتقين) *. مدح الله جل وعلا دار المتقين التي هي الجنة في هذه الآية الكريمة. لأن (نعم) فعل جامد لإنشاء المدح. وكرر الثناء عليها في آيات كثيرة. لأن فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. كما
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»