أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٦
وقوله: * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السمآء) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وقرأ هذا الحرف نافع، وابن عامر، وابن كثير، وأبو عمر: * (فإن الله لا يهدى من يضل) * بضم الياء وفتح الدال. من (يهدى) مبينا للمفعول. وقوله: * (من) * نائب الفاعل. والمعنى: أن من أضله الله لا يهدى، أي لا هادي له.
وقرأه عاصم، وحمزة، والكسائي بفتح الياء وكسر الدال، من (يهدي) مبنيا للفاعل. وقوله: * (من) * مفعول به ليهدي، والفاعل ضمير عائد إلى الله تعالى. والمعنى: أن من أضله الله لا يهديه الله. وهي على هذه القراءة فيمن سبقت لهم الشقاوة في علم الله. لأن غيرهم قد يكون ضالا ثم يهديه الله كما هو معروف. وقال بعض العلماء: لا يهدي من يضل ما دام في إضلاله له. فإن رفع الله عنه الضلالة وهداه فلا مانع من هداه. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم أي اجتهدوا في الحلف وغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت. وكذبهم الله جل وعلا في ذلك بقوله: * (بلى وعدا عليه حقا) *، وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك، كقوله: * (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن) *، وقوله: * (كما بدأنآ أول خلق نعيده وعدا علينآ إنا كنا فاعلين) *، وقوله: * ( وضرب لنا مثلا ونسى خلقه قال من يحى العظام وهى رميم قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة وهو بكل خلق عليم) *، وقوله: * (فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة) * والآيات بمثل هذا كثيرة جدا.
وقوله: * (بلى) * نفي لنفيهم البعث كما قدمنا. وقوله: * (وعدا) * مصدر مؤكد لما دلت عليه (بلى). لأن (بلى) تدل على نفي قولهم: لا يبعث الله من يموت. ونفي هذا النفي إثبات، معناه: لتبعثن. وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة (بلى) فيه معنى وعد الله بأنه سيكون. فقوله: * (وعدا) * مؤكد له. وقوله: * (حقا) * مصدر أيضا. أي وعد الله بذلك وعدا، وحقه حقا، وهو
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»