أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٢
قال تعالى: * (فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم من قرة أعين) *، وقال: * (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا. قوله تعالى: * (جنات عدن يدخلونها تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشآءون كذلك يجزى الله المتقين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المتقين يدخلون يوم القيامة جنات عدن. والعدن في لغة العرب: الإقامة. فمعنى جنات عدن: جنات إقامة في النعيم، لا يرحلون عنها، ولا يتحولون.
وبين في آيات كثيرة: أنهم مقيمون في الجنة على الدوام، كما أشار له هنا بلفظة (عدن)، كقوله: * (لا يبغون عنها حولا) *، وقوله: * (الذى أحلنا دار المقامة من فضله) *. والمقامة: الإقامة. وقد تقرر في التصريف: أن الفعل إذا زاد على ثلاثة أحرف فالمصدر الميمي منه، واسم الزمان، واسم المكان كلها بصيغة اسم المفعول. وقوله: * (إن المتقين فى مقام أمين) * على قراءة نافع وابن عامر بضم الميم من الإقامة. وقوله: * (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (تجرى من تحتها الأنهار) *.
بين أنواع تلك الأنهار في قوله: * (فيهآ أنهار من مآء غير ءاسن) * إلى قوله * (من عسل مصفى) *، وقوله هنا: * (لهم فيها ما يشآءون) * أوضحه في مواضع أخر. كقوله: * (لهم ما يشآءون فيها ولدينا مزيد) *، وقوله: * (وفيها ما تشتهيه الا نفس وتلذ الا عين وأنتم فيها خالدون) *، وقوله: * (لهم فيها ما يشآءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا) *، وقوله: * (لهم ما يشآءون عند ربهم ذلك جزآء المحسنين) *، وقوله: * (ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون) * * (نزلا من غفور رحيم) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله في هذه الآية: * (كذلك يجزى الله المتقين) *.
يدل على أن تقوى الله هو السبب الذي به تنال الجنة.
وقد أوضح تعالى هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله: * (تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا) *، وقوله: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والا رض أعدت للمتقين) *، وقوله: * (إن المتقين فى جنات وعيون) *،
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»