أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٤
رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غنى حميد) *، وقال: * (كذبت ثمود بالنذر) * * (كذبت قوم لوط بالنذر) *، وقال: * (ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون) *، وصرح بأن هذا العجب من إرسال بشر مانع للناس من الإيمان بقوله: * (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جآءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا) *.
ورد الله عليهم ذلك في آيات كثيرة كقوله: * (ومآ أرسلنا قبلك إلا رجالا) *، وقوله: * (ومآ أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام) *، وقوله: * (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) *، إلى غير ذلك من الآيات. * (فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بأاياتنآ إنهم كانوا قوما عمين * وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره أفلا تتقون * قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال ياقوم ليس بى سفاهة ولكنى رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين * أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد قوم نوح وزادكم فى الخلق بسطة فاذكروا ءالآء الله لعلكم تفلحون * قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد ءاباؤنا فأتنا بما تعدنآ إن كنت من الصادقين) * قوله تعالى: * (وأغرقنا الذين كذبوا بأاياتنآ) *.
لم يبين هنا كيفية إغراقهم، ولكنه بينها في مواضع أخر كقوله: * (ففتحنآ أبواب السمآء بماء منهمر) *، وقوله: * (فأخذهم الطوفان وهم ظالمون) *. * (قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني فى أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إنى معكم من المنتظرين) * قوله تعالى: * (أتجادلونني فى أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم) *.
لم يبين هنا شيئا من هذا الجدال الواقع بين هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وبين عاد. ولكنه أشار إليه في مواضع أخر كقوله: * (قالوا ياهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركى ءالهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض ءالهتنا بسوء قال إنى أشهد الله واشهدوا أنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون إنى توكلت على الله ربى وربكم ما من دآبة إلا هو ءاخذ بناصيتهآ إن ربى على صراط مستقيم) *. * (فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بأاياتنا وما كانوا مؤمنين * وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره قد جآءتكم بينة من ربكم هاذه ناقة الله لكم ءاية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد عاد وبوأكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا ءالآء الله ولا تعثوا فى الا رض مفسدين * قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن ءامن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بمآ أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي ءامنتم به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصاح ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين) * قوله تعالى: * (وقطعنا دابر الذين كذبوا بأاياتنا) *.
لم يبين هنا كيفية قطعه دابر عاد، ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله: * (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية) *، وقوله: * (وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) *، ونحو ذلك من الآيات.
قوله تعالى: * (فعقروا الناقة) *.
ظاهر هذه الآية الكريمة أن عقرها باشرته جماعة، ولكنه تعالى بين في سورة القمر: أن المراد أنهم نادوا واحدا منهم. فباشر
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»