أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٩١
والطبراني من طريق عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد عن أبيه عن جده سبرة وهو بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين راح من الحجر: (من كان عجن منكم من هذا الماء عجينة أو حاس حيسا فليلقه) وليس لسبرة بن معبد في البخاري إلا هذا الموضع. وأما حديث أبي الشموس وهو بمعجمة ثم مهملة، وهو بكري لا يعرف اسمه فوصله البخاري في الأدب المفرد والطبراني وابن منده من طريق سليم بن مطير عن أبيه عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكر الحديث وفيه فألقى ذو العجين عجينة وذو الحيس حيسه) ورواه ابن أبي عاصم من هذا الوجه وزاد: (فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حست حيسة فألقمها راحلتي قال نعم).
وقال ابن حجر أيضا: قوله وقال أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم (من اعتجن بمائه) وصله البزار من طريق عبد الله بن قدامة عنه: (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فآتوا على واد فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم (إنكم بواد ملعون فأسرعوا) وقال: (من اعتجن عجينة أو طبخ قدرا فليكبها) الحديث وقال: لا أعلمه إلا بهذا الإسناد. وأخرج البخاري في تفسير قوله تعالى * (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين) * عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحاب الحجر: (لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم) وأخرج البخاري أيضا عن ابن عمر (في كتاب الصلاة) في (باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم) وبعض هذه الروايات الذي ذكرناها عن البخاري أخرجه مسلم أيضا في صحيحه، فقد اتفقا على النهي عن دخول ديارهم إلا في حال البكاء، وعلى إسراعه صلى الله عليه وسلم حتى جاوز ديارهم. وفي هذه الروايات الصحيحة النهي عن الدخول إلى مواضع الخسف والعذاب إلا في حالة البكاء، وفيها الإسراع بمجاوزتها وعدم الاستسقاء من مياهها، وعدم أكل الطعام الذي عجن بها، ومن هنا قال بعض العلماء: لا يجوز التطهر بمائها ولا تصح الصلاة فيها لأن ماءها لما لم يصلح للأكل والشرب علم أنه غير صالح للطهارة التي هي تقرب إلى الله تعالى. قال البخاري في صحيحه (باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب) ويذكر أن عليا رضي الله عنه كره الصلاة بخسف بابل. وقال ابن حجر في الفتح: هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة من
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»