أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
ورياض، ويروى أن شجرهم كان دوما وهو المقل، ومن إطلاق الأيكة على الغيضة قول النابغة: قرأ نافع وابن عامر وابن كثير (ليكة). في (الشعراء) و (ص) بلام مفتوحة أول الكلمة وتاء مفتوحة آخرها من غير همز ولا تعريف على أنه اسم للقرية غير منصرف. وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي (الأيكة) بالتعريف والهمز وكسر التاء، وقرأ كذلك جميع القراء في (ق) و (الحجر). قال أبو عبيدة: ليكة والأيكة اسم مدينتهم كمكة وبكة، والأيكة في لغة العرب الغيضة وهي جماعة الشجر والجمع الأيك، وإنما سموا أصحاب الأيكة لأنهم كانوا أصحاب غياض ورياض، ويروى أن شجرهم كان دوما وهو المقل، ومن إطلاق الأيكة على الغيضة قول النابغة:
* تجلو بقادمتي حمامة أيكة * بردا أسف لثانه بالإثمد * وقال الجوهري في صحاحه: ومن قرأ أصحاب الأيكة فهي الغيضة، ومن قرأ ليكة فهي اسم القرية، ويقال: هما مثل بكة ومكة. وقال بعض العلماء: الأيكة الشجرة، والأيك هو الشجر الملتف. * (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين * وءاتيناهم ءاياتنا فكانوا عنها معرضين * وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فمآ أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * وما خلقنا السماوات والا رض وما بينهمآ إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل) * قوله تعالى: * (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين) *.
الحجر: منازل ثمود بين الحجاز والشام عند وادي القرى. فمعنى الآية الكريمة: * (كذبت ثمود المرسلين) *، وقد بين تعالى تكذيب ثمود لنبيه صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في مواضع أخر. كقوله: * (كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون) * وقوله: * (فكذبوه فعقروها) * وقوله: * (كذبت ثمود بالنذر فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنآ إذا لفى ضلال وسعر) * وقوله: * (فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصاح ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين) * إلى غير ذلك من الآيات. وإنما قال إنهم كذبوا المرسلين مع أن الذي كذبوه هو صالح وحده لأن دعوة جميع الرسل واحدة، وهي تحقيق معنى (لا إله إلا الله) كما بينه تعالى بأدلة عمومية وخصوصية. قال معمما لجميعهم: * (ومآ أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إلاه إلا أنا فاعبدون) *. وقال: * (ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) * وقال: * (واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنآ أجعلنا من دون الرحمان ءالهة يعبدون) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقال في تخصيص الرسل بأسمائهم: * (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره إنى) * وقال: * (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه) * وقال: * (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره) * إلى غير ذلك من الآيات.
فإذا حققت أن دعوة الرسل واحدة عرفت أن من كذب واحدا منهم فقد كذب جميعهم. ولذا صرح تعالى بأن من كفر ببعضهم فهو كافر حقا. قال: * (ويقولون نؤمن
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»