أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٨
لوط وآثار تدمير الله لها بسبيل مقيم أي بطريق ثابت يسلكه الناس لم يندرس بعد، يمر بها أهل الحجاز في ذهابهم إلى الشام، والمراد أن آثار تدمير الله لهم التي تشاهدون في أسفاركم فيها لكم عبرة ومزدجر يوجب عليكم الحذر من أن تفعلوا كفعلهم لئلا ينزل الله بكم مثل ما أنزل بهم وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: * (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وباليل أفلا تعقلون) * وقوله: * (أفلم يسيروا فى الا رض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها) *. وقوله فيها وفي ديار أصحاب الأيكة: * (وإنهما لبإمام مبين) *، إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (وإن كان أصحاب الا يكة لظالمين فانتقمنا منهم) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين وأنه جل وعلا انتقم منهم بسبب ظلمهم، وأوضح هذه القصة في مواضع أخر كقوله في الشعراء * (كذب أصحاب لأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إنى لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تعثوا فى الا رض مفسدين واتقوا الذى خلقكم والجبلة الا ولين قالوا إنمآ أنت من المسحرين ومآ أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السمآء إن كنت من الصادقين قال ربى أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين) * فبين في هذه الآية أن ظلمهم هو تكذيب رسولهم وتطفيفهم في الكيل وبخسهم الناس أشياءهم، وأن انتقامه منهم بعذاب يوم الظلة، وبين أن عذاب يوم عظيم، والظلة سحابة أظلتهم فأضرمها الله عليهم نارا فأحرقتهم والعلم عند الله تعالى.
قرأ نافع وابن عامر وابن كثير (ليكة). في (الشعراء) و (ص) بلام مفتوحة أول الكلمة وتاء مفتوحة آخرها من غير همز ولا تعريف على أنه اسم للقرية غير منصرف. وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي (الأيكة) بالتعريف والهمز وكسر التاء، وقرأ كذلك جميع القراء في (ق) و (الحجر). قال أبو عبيدة: ليكة والأيكة اسم مدينتهم كمكة وبكة، والأيكة في لغة العرب الغيضة وهي جماعة الشجر والجمع الأيك، وإنما سموا أصحاب الأيكة لأنهم كانوا أصحاب غياض
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»