قال: (في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته) الحديث: أخرجه الحاكم، والدارقطني، والبيهقي.
وقال النووي في (شرح المهذب) هذا الحديث رواه الدارقطني، في سننه والحاكم أبو عبد الله، في (المستدرك) والبيهقي، بأسانيدهم، ذكره الحاكم، بإسنادين: ثم قال: هذان الإسنادان صحيحان على شرط البخاري ومسلم، اه. قال مقيده: عفا الله عنه ما قاله الحافظ البيهقي، رحمه الله تعالى من أن الحكم برواية عافية المذكور لهذا الحديث مرفوعا من جنس الاحتجاج برواية الكذابين فيه نظر. لأن عافية المذكور لم يقل فيه أحد إنه كذاب، وغاية ما في الباب أن البيهقي ظن أنه مجهول، لأنه لم يطلع على كونه ثقة، وقد اطلع غيره على أنه ثقة فوثقه، فقد نقل ابن أبي حاتم توثيقه، عن أبي زرعة. قال ابن حجر في (التلخيص): عافية بن أيوب قيل ضعيف، وقال ابن الجوزي: ما نعلم فيه جرحا، وقال البيهقي، مجهول، ونقل ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي زرعة.
ولا يخفى أن من قال إنه مجهول يقدم عليه من قال إنه ثقة: لأنه اطلع على ما لم يطلع عليه مدعي أنه مجهول، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والتجريح لا يقبل مع الإجمال. فعافية هذا وثقه أبو زرعة، والتعديل والتجريح يكفي فيهما واحد على الصحيح في الرواية دون الشهادة. قال العراقي في ألفيته: ولا يخفى أن من قال إنه مجهول يقدم عليه من قال إنه ثقة: لأنه اطلع على ما لم يطلع عليه مدعي أنه مجهول، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والتجريح لا يقبل مع الإجمال. فعافية هذا وثقه أبو زرعة، والتعديل والتجريح يكفي فيهما واحد على الصحيح في الرواية دون الشهادة. قال العراقي في ألفيته:
* وصححوا اكتفاءهم بالواحد * جرحا، وتعديلا خلاف الشاهد * والتعديل يقبل مجملا بخلاف الجرح للاختلاف في أسبابه.
قال العراقي في ألفيته: قال العراقي في ألفيته:
* وصححوا قبول تعديل بلا * ذكر لأسباب له أن تنقلا * * ولم يروا قبول جرح أبهما * للخلف في أسبابه وربما * * استفسر الجرح فلم يقدح كما * فسره شعبة بالركض فما * * هذا الذي عليه حفاظ الأثر * كشيخي الصحيح مع أهل النظر * الخ...
وهذا هو الصحيح: فلا شك أن قول البيهقي في عافية: إنه مجهول أولى منه بالتقديم قول أبي زرعة. إنه ثقة. لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وإذا ثبت الاستدلال بالحديث المذكور، فهو نص في محل النزاع.
ويؤيد ما ذكر من توثيق عافية المذكور أن ابن الجوزي مع سعة اطلاعه، وشدة بحثه عن الرجال. قال: إنه لا يعلم فيه جرحا.
وأما الآثار الدالة على ذلك: فمنها ما رواه الإمام مالك في (الموطأ) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة)، وهذا الإسناد عن عائشة في غاية الصحة، كما ترى.
ومنها ما رواه مالك في (الموطأ) أيضا، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أنه كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة. وهذا الإسناد عن ابن عمر رضي الله عنهما في غاية الصحة كما ترى.
وما قاله بعض أهل العلم من أن المانع من الزكاة في الأول أنه مال يتيمة، وأنه لا تجب الزكاة على الصبي، كما لا تجب عليه الصلاة. مردود بأن عائشة ترى وجوب الزكاة في أموال اليتامى، فالمانع من إخراجها الزكاة. كونه حليا مباحا على التحقيق. لا كونه مال يتيمة، وكذلك دعوى أن المانع لابن عمر من زكاة الحلي أنه لجوار مملوكات. وأن المملوك لا زكاة عليه مردود أيضا بأنه كان لا يزكي حلي بناته مع أنه كان بزوج البنت له على ألف دينار يحليها منها بأربعمائة، ولا يزكي ذلك الحلي، وتركه لزكاته لكونه حليا مباحا على التحقيق.
ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الشافعي، أنا سفيان، عن عمرو بن دينار سمعت رجلا يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي فقال (زكاته عاريته) ذكره البيهقي في (السنن الكبرى)، وابن حجر في (التلخيص) وزاد البيهقي فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار فقال جابر كثير.
ومنها ما رواه البيهقي عن علي بن سليم قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: ليس فيه زكاة.
ومنها ما رواه البيهقي، عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلى بناتها الذهب ولا تزكيه نحوا من خمسين ألفا.
وأما القياس فمن وجهين:
الأول: أن الحلي لما كان لمجرد الاستعمال لا للتجارة والتنمية. الحق بغيره من الأحجار النفيسة كاللؤلؤ والمرجان، بجامع أن كلا معد للاستعمال لا للتنمية. وقد أشار إلى هذا الإلحاق مالك رحمه الله في (الموطأ) بقوله: فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة، قال مالك: ليس في اللؤلؤ. ولا في المسك والعنبر زكاة.
الثاني من وجهي القياس: هو النوع المعروف بقياس العكس، وأشار له في (مراقي السعود) بقوله في كتاب الاستدلال. الثاني من وجهي القياس: هو النوع المعروف بقياس العكس، وأشار له في (مراقي السعود) بقوله في كتاب الاستدلال.
* منه قياس المنطقي والعكس * ومنه فقد الشرط دون لبس * وخالف بعض العلماء في قبول هذا النوع من القياس، وضابطه: هو إثبات عكس حكم شيء لشيء آخر لتعاكسهما في العلة، ومثاله. حديث مسلم: (أيأتي أحدنا شهوته يكون وله فيها أجر؟ ا قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر) الحديث، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: أثبت في الجماع المباح أجرا، وهو حكم عكس حكم الجماع الحرام، لأن فيه الوزر. لتعاكسهما في العلة. لأن علة الأجر في الأول إعفاف امرأته ونفسه. وعلة الوزر في الثاني كونه زنى.
ومن أمثلة هذا النوع من القياس عند المالكية: احتجاجهم على أن الوضوء لا يجب من كثير القيء. بأنه لما لم يجب من قليله لم يجب من كثيره عكس البول. لما وجب من قليله وجب من كثيره.