أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٧٨
قال النووي في شرح المهذب: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم وصححه أيضا ابن حجر ومن ذلك ما رواه البخاري والنسائي عن ابن عمر أنه كان يقول: أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي عن ابن عمر أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فإذا اضطر إلى لبس شئ من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ. والبيهقي أيضا عن أيوب السختياني عن رجل من أهل البصرة كان قديما أنه قال: خرجت إلى مكة حتى إذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر والناس فلم يرخص لي أحد أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر حتى أحللت بعمرة. والرجل البصري المذكور الذي أبهمه مالك. قال ابن عبد البر: هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي شيخ أيوب ومعلمه كما رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة ورواه ابن جرير من طرق وسمى الرجل يزيد بن عبد الله بن الشخير.
ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي أيضا عن سليمان بن يسار: أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم فسأل على الماء الذي كان عليه عن العلماء فوجد عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فذكر لهم الذي عرض له فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد له منه ويفتدي فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه ثم عليه حج قابل ويهدي ما استيسر من الهدي.
قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا ثم يحجان عاما قابلا ويهديان فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي أيضا عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: المحرم لا يحله إلا البيت والظاهر أنها تعني غير المحصر بعدو كما جزم به الزرقاني في شرح الموطأ هذا هو حاصل أدلة القول بأن المراد بالإحصار في الآية هو ما كان من خصوص العدو دون ما كان من مرض ونحوه
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»