أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٨٢
وقال ابن حجر في الفتح: ويمكن الجمع بين هذا إن صح وبين الذي قبله بأن الأمر كان على طريق الاستحباب؛ لأن الشافعي جازم بأن جماعة تخلفوا بغير عذر.
وقال الشافعي في عمرة القضاء: إنما سميت عمرة القضاء والقضية للمقاضاة التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش لا على أنهم وجب عليهم قضاء تلك العمرة اه.
وروى الواقدي نحو هذا من حديث ابن عمر قاله ابن حجر.
وقال البخاري في صحيحه في الباب المذكور ما نصه: وقال روح عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع. انتهى محل الغرض منه بلفظه.
وقد ورد عن ابن عباس نحو هذا بإسناد آخر أخرجه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه وفيه: فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها وإن كانت غير الفريضة فلا قضاء عليه اه. فإذا علمت هذا وعلمت أن ابن عباس رضي الله عنهما ممن روي عنه عكرمة الحديث الذي روي عن الحجاج بن عمرو وأن راوي الحديث من أعلم الناس به ولا سيما إن كان ابن عباس الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه التأويل وهو مصرح بأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الحجاج بن عمرو وعليه حجة أخرى محله فيما إذا كانت عليه حجة الإسلام تعلم أن الجمع الأول الذي ذكرنا هو المتعين واختاره النووي وغيره من علماء الشافعية وأن الجمع الأخير لا يصح؛ لتعين حمل الحجة المذكورة على حجة الإسلام اه.
وأما على قول من قال إنه لا إحصار إلا بالعدو خاصة وأن المحصر بمرض لا يحل حتى يبرأ ويطوف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا كما ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر كما تقدم.
فهو من حيث أن المريض عندهم غير محصر فهو كمن أحرم وفاته وقوف عرفة يطوف ويسعى ويحج من قابل ويهدي أو يصوم إن لم يجد هديا اه.
وفي المسألة قول رابع: وهو أنه لا إحصار بعد النبي صلى الله عليه وسلم بعذر كائنا ما كان وهو ضعيف جدا ولا معول عليه عند العلماء؛ لأن حكم الإحصار منصوص عليه في
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»