أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤١
الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا) * وقوله: * (قالوا سمعنا وعصينا) *؛ لأن السمع الذي لا ينافي العصيان هو السمع بالآذان دون السمع بمعنى الإجابة. * (قوله تعالى يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر معنى الآية: أن أحد المذكورين يتمنى أن يعيش ألف سنة وطول عمره لا يزحزحه أي: لا يبعده عن العذاب فالمصدر المنسبك من أن وصلتها في قوله: * (أن يعمر) * فاعل الذي هو مزحزحه على أصح الأعاريب وفي لو من قوله: * (لو يعمر) * وجهان:
الأول: وهو قول الجمهور أنها حرف مصدري وهي وصلتها في تأويل مفعول به ليود والمعنى: * (يود أحدهم) * أي: يتمنى تعمير ألف سنة ولو: قد تكون حرفا مصدريا لقول قتيلة بنت الحارث:
* ما كان ضرك لو مننت وربما * من الفتى وهو المغيظ المحنق * أي: ما كان ضرك منه.
وقال بعض العلماء: إن * (لو) * هنا هي الشرطية والجواب محذوف وتقديره: لو يعمر ألف سنة لكان ذلك أحب شئ إليه وحذف جواب * (لو) * مع دلالة المقام عليه واقع في القرءان وفي كلام العرب فمنه في القرءان. قوله تعالى: * (كلا لو تعلمون علم اليقين) * أي: لو تعلمون علم اليقين لما * (ألهاكم التكاثر) *. وقوله: * (ولو أن قرءانا سيرت به الجبال) * أي: لكان هذا القرءان أو لكفرتم بالرحمان. ومنه في كلام العرب قول الشاعر: الطويل:
* فأقسم لو شئ أتانا رسوله * سواك ولكن لم نجد لك مدفعا * أي لو شئ أتانا رسوله سواك لدفعناه. إذا عرفت معنى الآية فاعلم أن الله قد أوضح هذا المعنى مبينا أن الإنسان لو متع ما متع من السنين ثم انقضى ذلك المتاع وجاءه العذاب أن ذلك المتاع الفائت لا ينفعه ولا يغني عنه شيئا بعد انقضائه وحلول العذاب محله. وذلك في قوله: * (أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) * وهذه هي
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»