أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٩
واحدة بعد موتها قادر على إحياء جميع النفوس وقد صرح بهذا في قوله: * (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) *. * (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة الآية لم يبين هنا سبب قسوة قلوبهم ولكنه أشار إلى ذلك في مواضع أخر كقوله: * (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية) * وقوله: * (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم الآية قوله تعالى) *. * (ومنهم أميون لا يعملون الكتب إلا أماني اختلف العلماء في المراد * (بالأماني) * هنا على قولين.
أحدهما: أن المراد بالأمنية القراءة أي: لا يعلمون من الكتاب إلا قراءة ألفاظ دون إدراك معانيها. وهذا القول لا يتناسب مع قوله * (ومنهم أميون) *؛ لأن الأمي لا يقرأ.
الثاني: أن الاستثناء منقطع والمعنى لا يعلمون الكتاب لكن يتمنون أماني باطلة ويدل لهذا القول: قوله تعالى: * (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم) * وقوله: * (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) *.
قوله تعالى: * (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم الآية يعني: تقتلون إخوانكم ويبين أن ذلك هو المراد كثرة وروده كذلك في القرءان نحو قوله: * (ولا تلمزوا أنفسكم) * أي: لا يلمز أحدكم أخاه وقوله: * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) * أي بإخوانهم وقوله: * (فاقتلوا أنفسكم) * أي: بأن يقتل البرىء من عبادة العجل من عبده منهم إلى غير ذلك من الآيات.
ويوضح هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: إن مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا أصيب منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
* (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) * يتبين مما قبله أن البعض الذي آمنوا به هو فداء الأسارى منهم والبعض الذي كفروا به هو إخراجهم من ديارهم وقتلهم ومظاهرة العدو عليهم وإن كفروا بغير هذا من الكتاب وآمنوا بغيره منه.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»